قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

نعم الله المجهولة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ…)

هذه الآية نزلت في واقعة بدر، حيث أن المشركون كانوا قد استولوا على المواقع الجيدة ومصادر المياه في تلك المنطقة، أما المسلمين كانوا واقفين على أرض رملها ناعم تغوص بها الأقدام ولا ماء لديهم، وكانت في عقولهم فكرة سائدة على أن قريش ما ذلت منذ عزت، وفي المقابل كانت عدة المسلمين يوم إذ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجل فقط أمام عدة قريش وعتادها، هذا الأمر الذي أثار الرعب في قلوبهم فنزلت الآية لعالج هذا الخوف لديهم.

ففي قوله تعالى: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ) فالإنسان وإذا أراد النوم أصابه النعاس حتى يخلد إلى النوم، ونعمة النوم أكرم الله تعالى بها الإنسان ليعوض الطاقة التي استفذها بالنهار أثناء السعي لحياته، وكذلك النوم ينسي الإنسان ما حصل معه خلال النهار من مشاكل وهموم ويريح به أعصابه، ولذلك ترى أن الله تعالى إذا أراد أن يعذب أحد في الدنيا يسلب منه الراحة حتى في النوم كما حصل مع الحجاج بعدما قتل سعيد بن جبير.

وقال تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ) فهذه من النعم الأخرى التي أكرم الله تعالى بها خلقه، إذ من الماء تنبت أراضينا وبه تملأ أنهارنا وآبارنا ومن هذا الماء يرزقنا الله تعالى الحياة بشربه ويطهرنا بالاغتسار به، وكذلك كما هو نعمة قد يصبح نقمة على قوم إذا حرموا منه أو إذا فاضت بيوتهم وأراضيهم وأفسدت زرعهم كما يحصل في كثير من بقاع الأرض.

لكن السيرة الإلهية عادة في توزيع المطر بشكل عادل بين الخلق، فالأرض التي تحتاج ماء بقدر معين يعطيها الله لها بهذا القدر، ويسوق الباقي عبر بواطن الأرض إلى أراض أخرى تكون بحاجة لذلك الماء، وكأن الله بهذا التوزيع العادل للماء يريد أن يعلمنا العدل، وأن نعطي كل شخص حقه وبقدر حاجته، لا أن نعطي فرداً أكثر من حاجته في مقابل آخر يعطى أقل من حقه أو يحرم منه.

ثم قال: (وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) لأن الماء هو رأس المطهرات التي تترفع بها النجاسة حسب الفقه الإسلامي وهو أيضا ليس فقط يطهر ما تنجس بالنجاسات بل يطهر المسلم من الحدث الأكبر والحدث الأصغر ليكون على أكمل وجه للقاء الله تعالى عند التوجه إليه بالصلاة، وكذلك يطهر به الميت ليلقى وجه ربه على طهارة.

مواضيع مشابهة

منار الهدى -24- نعم الله المنسية

اخشى من السخط على قضاء الله تعالى!