قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

بحث حول الآية الكريمة(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ*وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ *فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) الدكتور الشيخ أحمد الوائلي – السيدة الزهراء سلام الله عليها 

إن تفسير النصوص القرآنية لمن ليس له إلمام بوضع الجزيرة العربية قبل الإسلام هو عمل غير علمي ومبتور، والسبب أن الآيات الكريمة ترتبط بالبيئة التي نزلت بها.

إن اليهود في الجزيرة العربية هم من كانوا يمسكون بالقناة العلمية، لأنهم كانوا أصحاب كتاب سماوي، وكان التوراة بين أيديهم وكان لهم إلمام ببعض الجوانب التاريخية.

وكان أهل الجزيرة العربية يرجعون إلى اليهود فيما أشكل عليهم من المسائل، ولذلك حاول كعب الأحبار التمسك بهذه الخصوصية.

ففي يوم من الأيام في مجلس عثمان سأل أحد الجالسين عن زكاة الأموال التي سبق وأن زكيت، فبادر كعب الأحبار مسرعا إلى الإجابة فقال لا تزكى، فضربه أبو ذر بعصا على رأسه وقال: (يا ابن اليهودية من الذي جرأك على الفتيا في ديننا؟)

وكان اليهود يحاولون أن يمسكوا أزمة الأمور العلمية بيدهم، إن القرآن الكريم وظف هذه الظاهرة وطلب من العرب أن يرجعوا إلى اليهود كما كانوا يرجعون إليهم في السابق ويسألوهم هل نزل القرآن من الله سبحانه أم لا؟

إننا تجرعنا المرارة جراء علماء اليهود الذين سكبوا كل أفكارهم ورواسبهم الفكرية على التاريخ والتفسير والعقائد.

هناك مراجع إسلامية متأثرة بالفكر الإسرائيلي تأثر بالغا، مما يحتم على العلماء غربلة التراث الإسلامي من الإسرائيليات.

إن في كتاب صحيح البخاري روايات كثيرة غير معقولة، وترى البخاري ينقل عن كثير من الضعاف وهو لا ينقل رواية عن الإمام الصادق عليه السلام، هذا والكتاب عندهم أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه.

ويبرر البعض عدم نقل البخاري رواية عن الإمام الصادق عليه السلام هو أنه لم يجد البخاري طريقا صحيحا إلى الإمام عليه السلام، والحال أنه كان للإمام أربعة آلاف تلميذ يجلسون في المسجد ويأخذون عنه.

 إن القرآن الكريم لم يمتنع عن نعت علماء بني إسرائيل بالعلماء ما دام عندهم أثارة من علم، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الإسلام لا يبخس أحد حقه.

إن الشريف الرضي والشريف المرتضى قادا حركة علمية في بغداد، وقصتهما هي أن الشيخ المفيد قدس الله سره رأى في عالم الرؤيا أن السيدة الزهراء سلام الله عليها دخلت عليه ومعه الحسن والحسين عليهما السلام وقالت له هذان ولداي علمهما الفقه، وفي اليوم التالي أتت فاطمة بنت الناصر والدة الشريف الرضي والمرتضى وطلبت منه أن يعلمهما الفقه.

وترعرع الشريف المرتضى وقاد الحركة العلمية وأصبح له معهدا من أروع المعاهد، ودرس عليه جماعة من كبار الطائفة، منهم الشيخ الطوسي وابن البراج، وكانت تُصرف للطلبة مرتبات شهرية، وكان في داخل المعهد مخزن يوفر للطالب ما يحتاج من طعام أو شراب أو وقود أو غيرها.

وفي سنة من السنين وقعت مجاعة في بغداد، مما ألجأ يهوديا لحوزة المرتضى وكانت دوافعه سد حاجته المادية، إلا أن ذلك لم يمنع المرتضى من الإحسان إليه، وقد أسلم والتحق بالطلاب وتحصيل العلم، هذا الموقف وغيره يدل على إيجابية تعامل المسلمين معهم على العكس من موقفهم.

المراد بالأعجمين في الآية الكريمة هم غير العرب ولا يختلف في ذلك الفارسي والتركي وغيرهم، وسبب تسميتهم هو أنهم لا يعربون، أي أنهم لا قدرة لهم على إعراب معاني القرآن بلغتهم.

لماذا لم ينزل الله القرآن على الأعجمين؟
لو نزل القرآن على الأعجمين لم يكن ليؤمنوا بدافع الكبرياء والأنفة، وفقهاء المذاهب الأربعة باستثناء بعض فقهاء المواليك لا يعتبرون الأعجمي كفؤا للمرأة العربية.

والأمر الآخر هو أن بعضهم لا يؤمنون عن عناد، على سبيل المثال إن عبدالله بن عمر كان يقول :(كَانَ لِعَلِيٍّ ثَلاَثٌ لَوْ كَانَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ اَلنَّعَمِ تَزْوِيجُهُ فَاطِمَةَ وَ إِعْطَاؤُهُ اَلرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَ آيَةُ اَلنَّجْوَى)

لو كان يعرف ذلك عبدالله بن عمر لماذا تخلف عن بيعة الإمام عليه السلام؟

وكان الكثير من العرب يقولون للنبي صلى الله عليه وآله أما بعث الله سبحانه غيرك نتبعه ؟

إن اللغة العربية تحمل خواصا لا يعرفها إلا ابن هذه اللغة، أو المتضلع بهذه الخلفية وبهذا التراث، فإن اللفظة تشترك مع المعنى في أداء الصورة الشاخصة التي يريدها الإسلام.

وإن هذه الأنفة والكبرياء أدت إلى حدوث ردات فعل من قبل غير العرب حتى ادعى بعضهم أن الله لم يرسل نبيا من العرب وأدت كذلك إلى ظهور من يسمون بالشعوبية.

إن النبي صلى الله عليه وآله كان عظيم الخلق وعظيم الرحمة والعطف على أصحابه وكان يصبر على أذاهم ويرشدهم برفق ويهديهم بأناة، فكان يعرف حجم العقبات التي تعترض وصول الدعوة إلى قلوبهم.

إن المجتمع الجاهلي، مجتمع ناشئ على الجاهلية ومجتمع تصل به القساوة إلى درجة أن بعضهم كانوا يأدون البنات وهن أحياء.

إن النبي صلى الله عليه وآله حمل القرآن وذلل من خلاله العقبات حتى أخذت الدعوة بالانتشار واستل منهم المحن.

إن النبي صلى الله عليه وآله كان يعامل السيدة الزهراء سلام الله عليها معاملة خاصة، فكانت إذا دخلت السيدة الزهراء سلام الله عليها عليه المسجد وهي طفلة يخف لها رسول الله صلى الله عليه وآله ويحملها ويقبلها.

وكان قبل أي يذهب إلى محرابه يقف على باب دار السيدة الزهراء سلام الله عليها ويقول:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) وتخرج إليه سلام الله عليها فيشبعها لثما وتقبيلا وكان يقول:(باب فاطمة بابي).