الأسرة الكربلائية كيف نقتدي بها ؟
التأمل في سيرة العائلة الحسينية التي رافقت الحسين عليه السلام في كربلاء وكذلك التفكير في مميزات هؤلاء الأفراد عن غيرهم.
إن الإمام الحسين عليه السلام في خطبتها الثانية التي ألقاها يوم العاشر من المحرم يريد الإشارة إلى أن النفوس التي نحملها أي النفوس الأبية، تولدت من حجور طابت وطهرت وهذا ما يسوقنا إلى معرفة هذه الأسرة الكربلائية التي ربت هكذا أبطال.
هناك أربع ميزات تختلف فيها الأسرة الكربلائية عن غيرها من الأسر وإن كانت مؤمنة، هي الهدف والاختيار والتعامل والمسؤولية التربوية.
أما على صعيد الهدف فنقول إن الدوافع لتكوين الأسرة هي في الأغلب دوافع غريزية وتأتي لإشباع الغريزة الجنسية أو غريزة الأمومة والأبوة وما إلى ذلك وقد يكون الدافع هو الارتقاء والتكامل وإقامة العدل على وجه الأرض وهي أهداف فطرية ورسالية.
ونحن نعتقد أن الأسرة الكربلائية كانت تهدف إلى تحقيق الأهداف العليا التي ذكرت، ولذلك نرى أن النبي صلى الله عليه وآله عندما يسأل أميرالمؤمنين عليه السلام كيف وجدت زوجك يقول نعم المعين على طاعة الله سبحانه.
إن هناك نماذج من غير المعصومين عليهم السلام كزهير بن القين عندما جاءه رسول الحسين عليه السلام طلبت زوجه منه أن يذهب ويسمع الإمام عليه السلام وهي تعلم ضريبة هذا الأمر فزهير طلقها عندما عاد وقال أنه وجد هدف ساميا وجب اتباعه.
أما على صعيد الاختيار فنقول أنه لا يمكن للأسرة الكربلائية أن تأسس على الحب من أول نظرة، أو على استلطاف وانجذاب أو عن لقاء حصل صدفة،
بل نقول للشباب الحسينين أن يدرسوا خيارهم في الزواج ويبحثوا جيدا عن بيئته وثقافته وينظروا إلى الشخصية المعنوية بمثل ما ينظرون إلى المظهر والشخصية الخارجية ليرتقوا بعوائلهم وينجبوا أطفالا تكون شبيهة بتلك الأسرة الكربلائية العظيمة.
أما على صعيد العمل، فنرى الأسرة الكربلائية تحمل أهدافا عظيمة فهي تسعى إلى تمكين الخلافة الإلهية في الأرض ولا يمكن ذلك إلا بالتقوى، فلا يمكنني أن أكون خليفة الله وأنا لا أتقي الله سبحانه، ويجب أن أقوم بالفرائض الإلهية قبل أن أطلب من غيري الالتزام بها.
هناك فرق بين من يفكر كيف يعطي ويبرئ ذمته أمام الله تعالى وبين من يفكر كيف يأخذ وكيف ينفرد بكل شيء دون غيره، وفرق بين أن نربي الأفراد على أخذ حقوقهم أو نربيهم على تأدية حقوق الآخرين وهذا ما نراه جليا في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام.
إن الأسرة الكربلائية تعتمد ثقافة العطاء ولا تعتمد ثقافة الأخذ وهذا الذي تجلى في كربلاء في أروع الصور وعندما تكون التربية والتنشئة منذ الطفولة على العطاء فسيكون العطاء عفويا من غير تكلف.
إن على الرجل أن يكون النموذج الأول في العطاء وهو الذي سيضع العائلة على السكة الصحيحة إن كان يحمل أهدافا سامية، وإن كان الرجل يقدم حقوق الآخرين ممن يعول وينظر إلى ذلك باعتباره فرصة لتحصيل الرضا الإلهي وبث السعادة ستتأثر العائلة بذلك من دون حاجة إلى القول.
وقد رأينا ذلك جليا في الأسرة الكربلائية، كأن نرى الإمام الحسين عليه السلام يزيح الشوك من حول الخيم خوفا من أن تعلق شوكة في أرجل الأطفال بعد أن تنتهك الخيم، أو نرى العباس عليه السلام يمتنع عن شرب الماء وقد أمكنه ذلك لأنه لم يكن ليأخذ قبل أن يكون قد أعطى.
…
أنظر أيضا:
الأسرة الفاطمية – الشيخ حبيب الكاظمي