تقسيم الإرث في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
يُعتبر تقسيم الإرث في الإسلام من الجوانب المهمة التي أولاها القرآن الكريم عناية خاصة. في هذا المقال، نناقش تفسير الآية الكريمة (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا)، كما نتطرق إلى بعض التطبيقات العملية المستوحاة من السيرة النبوية وتعاليم الإسلا
تفسير الآية الكريمة
تُشير هذه الآية إلى ضرورة مراعاة أولو القربى من غير مستحقي الإرث، واليتامى، والمساكين عند تقسيم التركة. فالإسلام يحث على العطاء والتكافل الاجتماعي، حتى إن لم يكن هؤلاء من الورثة الشرعيين.
اختلاف العلماء حول حكم الآية:
- القول بالنسخ: يرى بعض المفسرين أن حكم هذه الآية قد نُسخ بأحكام الميراث الواردة في سورة النساء.
- القول بالاستحباب: آخرون يرون أن الحكم لا يزال قائمًا ولكن على سبيل الاستحباب، أي أنه غير ملزم لكنه مُحبذ أخلاقيًا.
وقد قال سعيد بن جبير: “ثلاث آيات محكمات نسيها الناس”، وذكر هذه الآية ضمنها.
التطبيقات العملية للآية
مثال من السيرة النبوية:
كان النبي صلى الله عليه وآله يُوصي دائمًا بالعطف على المستضعفين. وذكر في الحديث الشريف: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين” – وأشار بإصبعيه. هذا الحديث يعكس أهمية كفالة اليتيم ورعايته.
موقف من سيرة أمير المؤمنين:
عندما جاءت امرأتان إلى الإمام علي عليه السلام تطلبان حصتهما من بيت المال، ساوى الإمام بينهما رغم أن إحداهما كانت حرة والأخرى أمة أعتقت. هذا التصرف يُظهر عدالة الإسلام ورفضه التمييز على أساس الطبقة الاجتماعية.
الدروس المستفادة
- التكافل الاجتماعي: الإسلام يدعو إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والعطف على الفقراء والمحتاجين.
- احترام الإنسان لذاته: لا يعتمد الإسلام على الطبقة أو النسب في التفاضل بين الناس، بل على التقوى والعمل الصالح.
- العناية باليتيم: اليتيم يحتاج إلى رعاية مادية ومعنوية، وقد جعل الإسلام كفالته طريقًا للجنة.
اليتيم في الإسلام
اليتيم هو من فقد أباه الذي يُعتبر معيله الأساسي. ومن هنا، يُوصي الإسلام بالاهتمام باليتامى، ليس فقط بتقديم العون المادي لهم بل أيضًا بمعاملتهم برفق ورحمة. يقول الله في سورة الضحى (فأما اليتيم فلا تقهر)، وهي وصية مباشرة برعاية حقوق اليتامى.
خاتمة
تعكس الآية (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) القيم العليا للإسلام في تحقيق العدالة الاجتماعية. ولذا، ينبغي على المسلمين أن يحرصوا على تطبيق روح هذه الآية في حياتهم اليومية من خلال التكافل، الرحمة، ومراعاة حقوق المستضعفين.