إن الآيات الكريمة والروايات الشريفة، أكدت على الالتزام بالأمانة، وهي من الأمور الأساسية في نظام المجتمع.
إن الأَمانة غير منظور فيها نوعية المؤدى إليه، فيتصور البعض أن الإنسان الفاجر أو الكافر لا يجب تأديتها إليه، بل إن الله سبحانه وتعالى يقول:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) ولم يقيد سبحانه وتعالى أن أهلها يجب أن يكونوا مسلمين أو مؤمنين.
ومن الآيات التي وردت في لزوم الحفاظ على الأمانات قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ومن الروايات الواردة في السنة الشريفة أنه:(لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ)
قد يتصور البعض أن الأَمانة هي الوديعة، نعم هي نوع من أنواع الأمانات ولكن الأَمانة هي أكثر شمولية ويدخل فيها تفاصيل كثيرة.
يجب علينا أن نعرف ما هي الأمانة ؟ فالقرآن الكريم ذكر الأمانة ولكنه لم يذكر معنى الأمانة، وذكر بعض العلماء أن في السنة الشريفة كذلك لم يذكر معنى الأمانة، بلى ذكر مصداق من مصاديق الأمانة.
إن الأمانة هي الوديعة التي تكون للغير عندك، وهي أعم من أن تكون مادية بل هي مادية ومعنوية، فقد يستأمنك الفرد على بيت أو كتاب أو ما شابه من الأمور الملموسة، ثم يطلب منك أدائها دون تلف أو نقصان وهي التي يطلق عليها الفقهاء الأَمانة المالكية.
ومن مصاديق الأَمانة المالكية إيجار المنازل السكنية، فصاحب المنزل قد أذن لك التصرف فيه عن طريق العقد، فيجب على المستأجر أن يحافظ على كل تفاصيل البيت.
وهناك ما يسمى بالأَمانة الشرعية وهي اللقطة أي ما يجده الإنسان في الطريق أو ما شابه، مما ليس له مالك فهي أمانة يجب الاحتفاظ بها لحين معرفة صاحبها أو التصرف بها وفق الأحكام الشرعية.
هناك أمانة غير مادية كأمانة الدين والعلم والنفس والتكاليف الشرعية، وقد يكون الإنسان أمينا من الناحية المادية ولكنه غير أمين من ناحية الدينية، أو الناحية العلمية.
هناك من تراه يحمل العلم ولكنه لا يؤديه بالطريقة الصحيحة، على سبيل المثال بعض الكوادر التدريسية.
ومن الأمانات أيضا النصيحة، أو أن أحدهم أوصاك أن توصل له رسالة أو سلاما فهي كذلك من الأمانة أو أنه حملك مسؤولية.
إن الأَمانة ركن من أركان الحياة وبفقد هذا الركن الأساسي لا تقوم للمجتمع قائمة، وكما يقول أميرالمؤمنين عليه السلام:(وَ اَلْأَمَانَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ).
على الإنسان أن لا يستهين بالأمانات، فإذا ما حمله أحدهم أَمانة، ينظر إلى نفسه هل هو قادر على حملها أم لا، فإن استطاع حملها فليفعل وإن لم يستطع فلا يقربها.
إن على المجتمع أن ينظر في أمر من يتصدى للمسؤولية، هل هو قادر على الأمر الذي سيوكل إليه؟
إن المعلم الذي يرى نفسه عاجزا عن تربية الأجيال التي تستطيع أن تنهض بالمجتمع، هو لا شك معلم خائن فهو من خلال عمله يستطيع أن يزرع كثيرا من الأفكار في أذهان الطلاب.
أنظر:
الأمانة من خلق الأولياء