قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

علم الله تعالى – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

(اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)

إن المفسرون اختلفوا عن معنى شيء في الآية (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ)، ولكن إن أول ما يخطر في الذهن عن معنى الشيء في الآية هو الرزق، فالله تعالى جعل الأرزاق بين البشر متفاوته من شخص لأخر، وموضوع الرزق لا يتعلق بذكاء شخص أو علمه أو مهارته أو أي شيء آخر، بل قد تجد شخصاً يمتلك كل ما ذكر لكنه ذو رزق قليل.

لأن الله تعالى أدرى بعباده، وكيف يوزع رزقه عليهم بما يناسب حال كل منهم، فكما ورد في الحديث القدسي عن النبي الأكرم صلى الله عليه في حديث مطول أن الله تعالى قال: (وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك).

في رأي آخر عن معنى (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) وحسب سياق الآية أن المراد بالشيء هو عمر الجنين في بطن أمه، فأغلب الأجنة تبقى تسعة أشهر كاملة وبعضهم يمكث أقل من ذلك وأقل مدة للحمل هي ستة أشهر وأكثرها حسب الرأي الفقهي عند الإمامية حول كامل، وهذا الأمر يفيد فقيهاً لأثبات نسب المولود لصاحب الفراش عندما يشكل عليه نسبه إليه.

ورأي آخر يقول أن المقصود بالشيء ليس فقط هو عمر الجنين في رحم أمه بل عمر الإنسان المقدر له في هذه الحياة الدنيا من حين ولادته إلى وفاته، ويمكن أن يدخل مسألة طول وقصر العمر تحت مصطلح الرزق، فكما أن المال رزق كذلك العمر رزق، إلا أن يصل الإنسان إلى ما عبر عنه القرآن بأرذل العمر فهذا لا يكون رزقاً بل يصبح ابتلاءً أو نقمة على العبد.

إن علم الإنسان يعرف أنه: انطباع صورة الشيء المعلوم في الذهن أو حضور صورة الشيء المعلوم في الذهن، وهذا التعريف لا يمكننا به تعريف علم الله تعالى وهذا التعريف ينطبق على العلم الحصولي، وعلم الله تعالى علم حضوري فجميع الأشياء منها ما كان وما سيكون وما هو كائن علمه حاضر عند الله تعالى، وعلم الإنسان فقط بما هو محسوس ومشاهد عنده.

وإن معرفة الإنسان بمدى علم الله تعالى وأنه يعلم حتى ما نخفيه في أنفسنا وما نفعله في خلواتنا، له الأثر الإيجابي على سلوك الإنسان، فمن يشعر بوجود الله تعالى ومراقبته لا يفعل ما حرمه الله تعالى، ولا يكيد لأحد من المؤمنين، ولا يظلم أحداً من خلقه الله تعالى، وبالتالي يبقى على الاستقامة التي أراد الله منها أن نبقى عليها.

مواضيع مشابهة

المنبر العميد -127- علم الله وعلم الإنسان

عرفانيات