إلقاء الرعب في قلوب الكافرين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
قال تعالى: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ).
سبب نزول الآية
عندما انتهت معركة أحد التي أسفرت عن استشهاد نحو سبعين من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وجرح فيها النبي صلى الله عليه وآله، وفي طريق عودتهم إلى ديارهم مزهوين بانتصارهم، تساءل المشركون عن سبب عدم قضائهم على جميع المسلمين لاستئصالهم بالكامل. فلما هموا بالرجوع إلى المسلمين للقضاء عليهم، ألقى الله الرعب في قلوب الكافرين فزلزلوا وعادوا أدراجهم خائبين.
تفسير معنى إلقاء الرعب
ناقش المفسرون معنى إلقاء الرعب في قلوب الكافرين الوارد في الآية:
- الرعب النفسي الدائم: ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود هو الشعور الذي يختلج في نفس الكافر بسبب ضعف عقيدته أو انعدامها. فالكافر الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر يعيش دائمًا هاجس الخوف من الموت ونهايته التي يراها عدمًا، خلافًا للمؤمن الذي يتطلع إلى الآخرة بثقة واطمئنان.
- الرعب أمام قوة المسلمين الحقيقيين: رأى آخرون أن إلقاء الرعب يظهر عندما يرى الكافر مسلمًا أو جماعة من المسلمين الحقيقيين، فيمتلئ رعبًا أمام صلابة إيمانهم وقوة عقيدتهم. المسلم الحقيقي هو من يلتزم بالإسلام قلبًا وقالبًا، بقلب نقي وسيرة صالحة، وليس كل من تظاهر بالإسلام.
أثر الإيمان على التعامل مع الموت
إن المؤمن، بعقيدته الراسخة بالمعاد والآخرة، لا يخشى الموت، بل يراه انتقالًا إلى نعيم مقيم إن كان صالحًا. أما الكافر، فإن تصوراته المادية تجعله دائم القلق والخوف من النهاية التي يعتقد أنها عدم، ما يجعله يعيش حياة مضطربة ومليئة بالرعب.
خلاصة
إلقاء الرعب في قلوب الكافرين ليس مجرد عقاب إلهي، بل هو نتيجة طبيعية لضعف العقيدة وانعدام الإيمان. في المقابل، يظهر أثر الإيمان الصادق في قوة المسلمين واستقرارهم النفسي، مما يجعلهم مصدر رهبة للكافرين وذوي العقائد الواهية.