منزلة الكعبة وأدب الطواف – السيد صباح شبر
تتناول هذه الحلقة مكانة الكعبة المشرفة في وعي أهل البيت (عليهم السلام) وكيف تصدى الإمام الباقر (عليه السلام) للتحريفات التي أراد البعض دسّها في العقيدة، كما تتناول فقه وآداب الطواف من خلال موقف الإمام الصادق (عليه السلام) في تعامله مع الزحام عند الحجر الأسود، لتُبرز تربية الأئمة (عليهم السلام) في الجمع بين الاتباع والورع والتواضع في العبادة.
الروايات المبحوثة في الحلقة:
عن زرارة قال:
كنت قاعدا إلى جنب أبي جعفر (عليه السلام) وهو محتب مستقبل الكعبة، فقال: أما إن النظر إليها عبادة فجاءه رجل من بجيلة يقال له: عاصم بن عمر فقال لأبي جعفر (عليه السلام): إن كعب الأحبار كان يقول: إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة، فقال أبو جعفر (عليه السلام): فما تقول فيما قال كعب؟
فقال: صدق، القول ما قال كعب فقال أبو جعفر (عليه السلام): كذبت وكذب كعب الأحبار معك وغضب؛ قال زرارة ما رأيته استقبل أحدا بقول كذبت غيره ثم قال: ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ثم أومأ بيده نحو الكعبة ولا أكرم على الله عز وجل منها.
الكافي – الشيخ الكليني – ج ٤ – ص ٢٣٩
عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كنت أطوف وسفيان الثوري قريب مني، فقال: يا أبا عبد الله كيف كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنع بالحجر إذا انتهى إليه؟ فقلت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستلمه في كل طواف فريضة ونافلة، قال: فتخلف عني قليلا، فلما انتهيت إلى الحجر جزت ومشيت فلم أستلمه،
فلحقني فقال: يا أبا عبد الله ألم تخبرني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يستلم الحجر في كل طواف فريضة ونافلة؟ قلت: بلى، قال: فقد مررت به فلم تستلم، فقلت: إن الناس كانوا يرون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لا يرون لي، وكان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له حتى يستلمه وإني أكره الزحام.
وسائل الشيعة – ج ١٣ – ص ٣٢٥
المحاور والأسئلة المطروحة في الحلقة:
عبادة النظر إلى الكعبة: ما المقصود بقول الإمام الباقر (عليه السلام): «أما إن النظر إليها عبادة»؟ كيف ترتبط عبادة النظر إلى الكعبة بفهم التوحيد القلبي؟ ما دلالة جلوس الإمام مستقبل الكعبة وهو يحدّث زرارة؟
منزلة الكعبة وردّ الإمام الباقر على كعب الأحبار: ما المقصود بقول كعب الأحبار إن الكعبة تسجد لبيت المقدس؟ كيف ردّ الإمام الباقر (عليه السلام) على هذه الفكرة، ولماذا اشتدّ غضبه؟ ما الذي تكشفه هذه الحادثة عن موقف أهل البيت (عليهم السلام) من الإسرائيليات والتحريفات الدخيلة؟
أدب الطواف وسلوك الإمام الصادق (عليه السلام): كيف أجاب الإمام الصادق (عليه السلام) سفيان الثوري حين سأله عن استلام الحجر؟ لماذا امتنع الإمام عن استلام الحجر رغم علمه بسنة النبي (صلى الله عليه وآله)؟ ماذا نتعلم من قوله: «إني أكره الزحام» في سياق فقه العبادة والورع؟
يؤكد السيد صُبح شُبَّر في ختام الحلقة أن حب الكعبة ليس مظهراً فقط، بل هو تجلٍ للتوحيد والعبودية الخالصة لله. فالنظر إليها عبادة، والطواف حولها تذكير بدوران القلوب حول مركز النور الإلهي. كما أن الاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يعني تقليده ظاهراً فقط، بل التحلي بروحه وأدبه، كما علّمنا الإمام الصادق (عليه السلام): أن نعبد الله بتوازن، دون تزاحم أو إيذاء، لأن الله يحب اليسر والرحمة في كل عبادة.
 
								

