التصرف في ملك الغير – السيد صباح شبر
تتابع هذه الحلقة البحث في أحكام الغصب والتصرف في ملك الغير من خلال الرواية السابقة لأبي ولاد الحناط عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث يُبيّن الإمام بوضوح أن التصرّف في ملك الغير بغير إذنه يُعدّ غصبًا، وأن من أتلف مال غيره أو استعمله في غير ما أذن به، فعليه ضمانه بقيمته يوم التلف أو يوم الغصب، مع بيان كيفية ضمان الحيوان المغصوب وما يترتب من أحكام على ذلك.
الرواية المعتمدة:
عن أبي ولاد الحناط… (الرواية السابقة كاملة كما وردت في وسائل الشيعة – ج ١٩ – ص ١١٧)
… فقال له الإمام الصادق (عليه السلام): «أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل، ومثل كراء بغل راكباً من النيل إلى بغداد، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفّيه إياه».
فقلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم، فلي عليه علفه؟
فقال: «لا، لأنك غاصب».
فقلت: أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني؟
قال: «نعم، قيمة بغل يوم خالفته».
فقلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز؟
قال: «عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه».
الأسئلة المطروحة في الحلقة:
حكم التصرف في ملك الغير: متى يُعدّ تصرف الإنسان في ملك الغير غصبًا شرعًا؟ ما الفارق بين الغصب والإجارة الفاسدة؟ كيف يُنظر في الفقه إلى من استعمل مال غيره بنيّة حسنة أو جهلاً بالحكم؟
ضمان المال المغصوب وأحكام التلف: على أي أساس يُقدّر الضمان في المال المغصوب: يوم التلف أم يوم الغصب؟ إذا أصاب المال المغصوب عيبٌ جزئي، كيف يُقدّر التعويض العادل؟ ما حكم من انتفع بالمال المغصوب دون إذن صاحبه؟
أحكام ضمان الماشية والحيوانات المغصوبة: إذا غصب شخص دابة أو ماشية فهلكت عنده، ما هو حكمه الشرعي؟ ما الفرق بين ضمان الماشية المغصوبة وضمان الأموال الجامدة؟ هل يتحمّل الغاصب نفقة العلف أو الرعاية أثناء مدة الغصب؟
تؤكد هذه الأحكام أن الإسلام دين العدل في أدقّ تفاصيل المعاملات، فلا يرضى أن يضيع حقّ أحد، ولا أن يُستباح مال الغير بحجة الحاجة أو الجهل.
الإمام الصادق (عليه السلام) رسم في هذه الرواية مبدأً خالداً: “من غصب مالًا ضمنه، ولو رده بعينه”، لأن العدالة الإلهية لا تكتمل إلا بحفظ أموال الناس وصيانة حقوقهم.

