عاشوراء ساحة الذكرى وساحة المعركة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
نحن اليوم بين ساحتين: الساحة الأولى ساحة الذكرى: وهي في كل مكان من الأمكنة يذكر فيه الحسين هذا اليوم، والساحة الثانية ساحة المعركة، وسنمر بالساحتين معا.
أما ساحة الذكرى -ذكرى الحسين- فهي هنا، وهي في كل بلد من بلدان المسلمين في هذا اليوم يعقد مأتما لأبي الشهداء.
بادئ ذي بدئ نريد من هذه الساحة أن نسكب دمعة وفاء لعزيز رسول الله وحبيبه وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي عليهما السلام، وليس لإنسان أن يسأل لماذا الدمع.
إن الإنسان إذا فقد عزيزا سكب دمعه شاء أم أبى. إن انسكاب الدمع إفراز طبيعي لحالة الوجد والألم. أي مسلم يؤمن بالله وبرسوله يمر عليه مصرع الحسين ثم لا ينفعل لهذا المصرع، وأي مسلم يرى ذلك الخد الذي كان يشبعه رسول الله لثما وتقبيلا وهو يسجر بالرماح ثم لا تجري له دمعة ولا تفيض له حسرة؟!
إن إفراز الدمع أبسط ضروب الوفاء لأبي الشهداء في هذا اليوم. إننا في هذه الساحة -ساحة الذكرى- يا أبا عبد الله نذرف الدمع شئنا أم أبينا وإن كنت أكبر من الدمع، ما كنت دمعا في العيون. إنك أكبر من الدمع، ولكن الدمع الإفراز الطبيعي لصاحب الوجد وللفاقد والحزين.
إن أقل ما يمكن من مظاهر الوفاء يا أبا الشهداء أن تدمع عيوننا وأن تحترق قلوبنا.
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة لكنما عيني لأجلك باكية
تبتل منكم كربلا بدم ولا تبتل مني بالدموع الجارية
وفجائع الأيام تبقى مدة وتزول وهي إلى القيامة باقية
يا أبا الشهداء، إن دموعنا تعبير عما يعتمل في داخل نفوسنا من الألم واللوعة، تعبير هو أقل ما يمكن أن يكون من مظاهر الوفاء لك، وأنت حبيب رسول الله، وأنت عزيز الزهراء، وأنت النبض والأمل في قلوب المعذبين.
يا أبا الشهداء هذه دموعنا فباركها، هذه زفراتنا فاحتضنها كما احتضنتك مشاعرنا.
والشيء الثاني الذي نريده في ساحة الذكرى في يوم عاشوراء هو أننا اليوم نجسد منهج القرآن في شجب الظالمين، فقد علمنا القرآن الكريم أن يشجب الظالمين وينوه صباح مساء بجريمتهم، وها نحن نقتدي به ونجعله نصب أعيننا في ذلك.