مسؤولية المفتي وحدود الفتوى – السيد صباح شبر
تتناول هذه الحلقة خطورة التجرؤ على الإفتاء بغير علم، وما يترتب عليه من تبعة شرعية في الدنيا والآخرة، من خلال الروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام، التي تبرز ثقل مسؤولية الكلمة في الدين، كما تتناول قضية تطبيق الأحكام والحدود بغير إذن شرعي، وتوضّح ضوابط الفقه والاجتهاد وفق الميزان الأصولي الصحيح.
نصوص الروايات:
عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:
(كان أبو عبد الله عليهالسلام قاعدا في حلقة ربيعة الرأي فجاء أعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه، فلما سكت قال له الأعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة، ولم يرد عليه شيئاً. فأعاد عليه المسألة فأجابه بمثل ذلك، فقال له الأعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة.
فقال له أبو عبد الله عليهالسلام: «هو في عنقه، قال أو لم يقل، وكل مفتٍ ضامن).
مرآة العقول – ج 24 – ص 269
عن داود بن فرقد قال:
(سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة: أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلاً ما كنت صانعاً به؟ قال: كنت أضربه بالسيف.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ماذا يا سعد؟ فقال سعد: قالوا لو وجدت على بطن امرأتك رجلاً ما كنت صانعاً به، فقلت: أضربه بالسيف.
فقال: يا سعد فكيف بالأربعة الشهود؟ فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله أن قد فعل؟
قال: أي والله بعد رأي عينك وعلم الله أن قد فعل، إن الله قد جعل لكل شيء حداً وجعل لمن تعدى ذلك الحد حداً).
وسائل الشيعة – ج 18 – ص 310
المحاور والأسئلة المطروحة في الحلقة:
خطورة الفتوى بغير علم: ما المقصود بقول الإمام عليه السلام: «كل مفتٍ ضامن»؟ هل المقصود الضمان الشرعي أم الأخروي، أم كلاهما؟ ما حدود المسؤولية الشرعية للمفتي عندما يُسأل عن حكمٍ في الدين؟ كيف تميّز الأمة بين العالم الرباني والمفتي الجاهل؟ ما أثر انتشار الفتوى بلا علم في فساد الدين والمجتمع؟
مسؤولية العالم أمام الله: لماذا سكت الإمام الصادق عليه السلام عن ربيعة ولم يُجبه مباشرة؟ ما معنى أن تكون الفتوى «في عنق المفتي» حتى وإن لم يصرّح بتحمل المسؤولية؟ هل يشمل هذا الحكم مَن ينقل الفتوى دون تدقيق في مصدرها؟ ما هو دور الورع العلمي في تحصين الفقهاء والمبلغين من الزلل؟
حدود تطبيق الأحكام الشرعية: ماذا تعلّمنا قصة سعد بن عبادة في مسألة الغيرة والحدود؟ كيف فرّق النبي صلى الله عليه وآله بين الغضب الإنساني والانضباط الشرعي؟ ما معنى قول النبي: «إن الله قد جعل لكل شيء حدًّا»؟ كيف يُوازن الإسلام بين العاطفة والشرع في إقامة الحدود؟ ما هو الموقف الشرعي من ما يعبر عنه بـ”جرائم الشرف”؟
المعايير الأصولية في الفقه: ما المقصود بـ”عمل المشهور” في الفقه الإمامي؟ كيف تُقاس صحة الفتوى بمعايير الدليل لا الشهرة؟ ما واجب المتعلم حين يسمع آراء متناقضة في الفقه؟ ما هو الفرق بين الاجتهاد المشروع والظن الشخصي؟
من لم يتأدب بآداب الفتوى، ولم يقف عند حدود علمه، فقد عرّض نفسه لخطابٍ رهيب يوم القيامة، حيث يُسأل عن كل كلمة قالها في دين الله بغير علم. إن الفتوى أمانة، والعلم نورٌ يُحمَل بمسؤولية، فلا يُستفاد منه إلا بخشية الله والتثبت من الدليل.
مواضيع مشابهة
ملتقى المعارف -41- منظومة المرجعية الدينية في الفقه الإمامي

