موقف الإسلام من المسيحيين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)
لقد كان في الجزيرة العربية إضافة إلى الغالبية الوثنية جاليات من النصارى واليهود، وهؤلاء النصارى انقسم موقفهم أمام الرسالة المحمدية إلى قسمين:
قسم يؤمن ببعثة نبي في آخر الزمان لكنهم لم يسلموا برسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله لتوقعهم أنه سيخرج من أمة ذات حضارة لا من بين العرب الأميين، وقسم آخر آمن بنبي آخر الزمان وسلم بنبوة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله، وهم الذين ذكرتهم الآية.
وهم نفسهم الذين ذكرتهم آية أخرى بقوله تعالى: (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ)، والأجر في المرة الأولى أنهم تركوا عبادة الأصنام وتمسكوا بدين سماوي، والمرة الثانية عندما أكملوا دينهم بالتمسك بشريعة خاتم الأنبياء.
وبشكل عام إن المؤمن يطمئن قلبه لمن له شريعة سماوية متمسك بها، بعكس من لا يؤمن بالله أصلاً أو من يؤمن به القول دون العمل، وقد عمل الإسلام وبالأخص في عهد أمير المؤمنين عليه السلام على امتصاص التشنج الذي كان موجودا بين المسلمين وأصحاب الديانات السماوية الأخرى.
نزل أمير المؤمنين عليه السلام في مكان أثناء طريقه إلى صفين وقال لأصحابه: هيئوا إليّ ماء أصب عليّ، قال: فهيئوا له ماء، فدخل فإذا صور في الحائط، قال: كأن هذه كنيسة؟ قالوا : نعم، كان يشرك فيها اللّه كثيراً ، قال: وكان يذكر اللّه فيها كثيراً ، قال : فأبى أن يغتسل فحولوا له إلى موضع آخر فاغتسل.
وذات مرة رأى الإمام علي شيخاً كبيراً فاقد البصر، وهو يستجدي الناس، فهاله المنظر، والتفت قائلاً: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال عليه السلام: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه؟! أنفقوا عليه من بيت المال.