التواتر شرط في ثبوت أصول الدين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون)
هناك في القرآن الكريم قضايا يتعرض لها القرآن ليست موضحة وغير صريحة بشكل كامل، ولا نستطيع أن نأخذها إلا عن طريقين، ومن أمثالها قضية الأعراف.
هناك عدة أقوال للمفسرين، ولكن أقوال المفسرين لا يعلم ما إذا كانت جميعها مستوفية لشروط الصحة، فبعضها بها رجال غير موثوقين، وبعضها بها اتجاهات، وقد دخل في التفسير اتجاهات عدة، فالمفسر بشر، والبشر يخضع لموضوع الحب والبغض والهوى والمادة وغير ذلك.
فإذن هناك قضايا في القرآن الكريم لا يمكن أن نأخذها إلا من آية صريحة أو رواية صريحة وصلتنا بالتواتر عن المعصوم، فهناك قيدان هنا: تواتر الحديث وعصمة قائله، والمقصود بالتواتر هو أن يرويها جماعة كثر بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب، فهؤلاء لا يمكن تكذيبهم، فكل طبقة ترويها عن الطبقة التي تسبقها بنفس مستوى التواتر.
افرض أن جماعة لم يذهبوا إلى مكة في حياتهم، لكنهم لا يقولون بأن مكة غير موجودة، لأن الآلاف يقصدونها سنويا وينقلون ما يوجد في مكة من مشاعر وطواف وعن البيت الحرام، فهنا طبقة تنقل عن طبقة بنفس المستوى، وصولا إلى المعصوم القائل لهذا الحديث، وهذا ما يدعى في علم الرجال بالتواتر.
فإذا جاءتنا رواية عن المعصوم بالتواتر نقبلها، أو أن تأتينا آية صريحة تحدد لنا المعنى، ولكن إن تكن هنالك آية صريحة ولا خبر متواتر وإنما مجرد أخبار آحاد، أي رواية لا تصل إلى حد التواتر، فلا نستطيع أن نطمئن لمثل هذه الأخبار ونثق بها، لأن أخبار الآحاد تثبت بها الفروع ولا تثبت بها الأصول.
عندما يتحدث القرآن عن أن الزوجة ترث من زوجها الثمن، أو الربع إن لم يكن له ولد، وأتتنا رواية تخصص ميراث الزوجة بأن لا يكون من الأرض فأنا أقبل بمثل هذه الرواية ولو تصل لحد التواتر لأنها مسألة فرعية تخص فروع الدين وليس أصوله.
أما أصول الدين كوجود الله ووحدانيته ونبوة النبي صلى الله عليه وآله ووجود يوم القيامة لا تثبت بأخبار الآحاد وإنما نحن بحاجة فيها إلى روايات تواترت نصوصها للاعتقاد بمضامينها.
مواضيع مشابهة
لقاء على الهدى – 14 – العلاقة مع صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه