هل الله خلقنا لعذبنا؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ)
الآية الكريمة تتحدث أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحذر قريش من العذاب إذا استمروا في الكفر والبعد عن الدين وعبادة الباري عز وجل، وأن العذاب قد يكون في الدنيا قبل الآخرة، ولو أنهم أطاعوا الله والرسول سينتهون إلى نعيم في الدنيا والآخرة والعيش الكريم، (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا).
فكان مشركو قريش عندما يوعدهم النبي صلى الله عليه وآله بالنعيم الدنيوي والأخروي لا يستعجلون النعيم، أما عندما يتوعدهم بالعذاب في الدنيا والآخرة تراهم يتحدون النبي صلى الله عليه وآله ويستعجلونه بالعذاب، (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
والله تعالى عبر عن العذاب بانه سيئة لأنه يسوؤهم، رغم أن الباري عز وجل لا يصدر عنه إلا الخير، فالعقاب الإلهي لمثل هؤلاء هو في واقعه عدل من الله تعالى، والعدل خير وحسن وليس سيء، فحتى العقاب إذا نزل بالعبد المراد منه إصلاح العبد نفسه أو جعله عبرة لغيره إن كان هو غير قابل للإصلاح، وليس المراد من العقاب الإلهي هو الانتقام من العبد، لأن الله تعالى أجل وأعظم من أن يعاقب من باب الانتقام.
فمعنى الآية إذن أنه يسألك الذين كفروا أن تنزل عليهم العقوبة الإلهية قبل الرحمة و العافية بعد ما سمعوك تنذرهم بعذاب الله استهزاء و هم على علم بالعقوبات النازلة قبلهم على الأمم الماضين الذين كفروا برسلهم و الآية في مقام التعجيب.