السجود لغير الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)
في قصة آدم عليه السلام وعند قراءة هذه الآية الكريمة، أول ما يتبادر إلى ذهن أي أحد عن معنى هذا السجود، وكما يعلم جميع المسلمين أن السجود لغير الله حرام، فكيف يأمر الله الملائكة بالسجود لغيره تعالى؟
وإن السجود أيضاً هو أحد أشكال العبادة بل أشدها، والعبادة لا تجوز إلا لله تعالى، بل إن الله تعالى أرسل رسله يهدون الناس إلى التوحيد، وانصراف العبادة لغير الله تعالى مناف للتوحيد، ولذا أدعى بعض أهل التصوف أن ابليس لعنه الله هو أول الموحدين لأنه رفض السجود لغيره تعالى.
والجواب أن السجود لم يكن لشخص آدم عليه السلام، بل كان سجوداً لله تعالى، وإنما أمر الله الملائكة بالسجود فمن باب الاحترام والتعظيم لقدرة الله عز وجل، كما أننا نسجد للكعبة، وليس نيتنا السجود لتلك الحجارة، إنما نيتنا السجود للباري عز وجل.
وأما ما يشكله المخالفين على شيعة أهل البيت عليهم السلام أنهم يسجدون على تربة الحسين عليه السلام، واتهامهم إياهم بالسجود لها مخالف للواقع.
فالشيعة في الصلوات يسجدون على التربة الحسينية وليس للتربة الحسينية، لأنه في الفقه الإمامي لا يجوز السجود إلا على الأرض وما أنبتت إلا المأكول والملبوس، والدليل على ذلك:
ما أخرجه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغَنَائِمُ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ).
