عبادة الطاغوت – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)
إن عبادة الطاغوت التي ذكرتها الآية اختلف المفسرون في تفسيرها، وتحديدا في تفسير كلمة الطاغوت، فقد ذهب قسم إلى أن المقصود بالطاغوت هو الأصنام، وعبادة الطاغوت تعني عبادة الأصنام، ولعبادة الأصنام جذورها التي يذكرها التاريخ.
وتعود نشأة عبادة الأصنام إلى التقليد الأعمى دون معرفة السبب والمغزى، فقد كان الناس في السابق إن فقدوا عزيزا من أعزائهم صوروه وجعلوا صورته أمامهم أو على قبره ليتذكروه لأنه يعز عليهم فقده وكانوا يريدون من وراء ذلك أن تبقى ذكرى أحبائهم في قلوبهم.
ثم تطور الأمر إلى أن بدؤوا ينحتون التماثيل لأحبابهم ويضعونها على قبورهم ليتذكروا أصحاب القبور.
ومع تعاقب الأجيال وتقادم الأزمان جاء جماعة فظنوا أن هذه المنحوتات على القبور إنما كان آباؤهم يعبدونها، فبدؤوا بعبادتها والترويج لعبادتها، والحال إنه سوء فهم لما كان يفعله آباؤهم، لكن الشيطان أعمى قلوبهم، ومن هنا نشأت عبادة الأصنام.
وهذه هي القبور المنهي عن زيارتها في بعض الروايات التي وردت، لأن هذا النوع من زيارة القبور فيه عبادة لغير الله وهو مرفوض قطعا، أما زيارة القبور التي تخلو من تلك المنحوتات وعبادة غير الله فهي لا شك ممدوحة، وإن زيارة القبور كما ورد في الروايات من موجبات ترقيق القلب والتذكير بالآخرة والقبر والحساب والعقاب، بل هي مطلوبة ومحثوث عليها.
وذهب فريق آخر من المفسرين إلى أن المقصود بالطاغوت في هذه الآية التي تتحدث عن عبادة الطاغوت الطواغيت وحكام الجور الظلمة الذين يذيقون عباد الله ظلمهم وجورهم، وما أكثرهم على مر تاريخ البشرية.