وجوب اتباع آل محمد عليهم السلام – الشيخ د. أحمد الوائلي
المقدمة
يتناول القرآن الكريم العديد من القضايا التي تهدف إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة بين الناس. ومن هذه المفاهيم الشائعة اعتماد رأي الأكثرية في معرفة الحق. يوضح الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله في هذا المقال ضرورة اتباع آل محمد عليهم السلام وعدم الانسياق خلف آراء الأكثرية الضالة التي تعتمد على الظن.
الآية الكريمة وتحذير من اتباع الأكثرية
قال الله تعالى:
“(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)”
(سورة الأنعام: 116)
تشير هذه الآية إلى أن اتباع الأكثرية ليس دائمًا دليلًا على الحق. على العكس، فإن الله يحذر من أن معظم الناس قد يضللون الإنسان عن سبيل الله لأنهم يتبعون الظن والتخمين، وليس العلم واليقين.
التحذير من الأخذ برأي الأكثرية
الناس عادةً يعتمدون على رأي الأغلبية في تقرير ما إذا كان الشيء صحيحًا أو خطأ. لكن القرآن الكريم يحث الناس على النظر بعمق وعدم الاعتماد على الظن. مثلًا، رغم معرفة الجميع بأضرار الخمر والتدخين، فإن المدخنين وشاربي الخمر يشكلون نسبة كبيرة من سكان العالم، ومع ذلك، لا يمكن القول إن الأكثرية هنا على حق.
أهل العلم مقابل أهل الظن
الآية الكريمة توضح أن معظم الناس لا يمتلكون العلم الذي يمكنهم من تقديم فتوى أو رأي ديني صحيح. هؤلاء يعتمدون على الظن، والله سبحانه وتعالى يقول: “(وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)” (سورة يونس: 36)، أي أن الظن ليس بديلاً عن العلم والمعرفة المؤكدة. ولذلك، فإن الاعتماد على غير أهل العلم يؤدي إلى الضلال.
أهل البيت عليهم السلام والحق
يستعرض التاريخ أن آل محمد عليهم السلام كانوا غالبًا ما يملكون أتباعًا قليلين، بينما كانت الجبهة المخالفة تضم الأعداد الكبيرة. ففي واقعة كربلاء، كان عدد أصحاب الحسين عليه السلام بضعًا وسبعين رجلًا، بينما كان جيش الباطل يضم أكثر من ثلاثين ألفًا. ورغم الفارق الكبير في العدد، كان الحسين عليه السلام وأصحابه يمثلون جبهة الحق.
واقعة الغدير ورزية الخميس
النبي محمد صلى الله عليه وآله أكد مرارًا على ضرورة اتباع أهل بيته، ومن أبرز تلك المواقف كان يوم الغدير، حيث أوصى باتباع الإمام علي عليه السلام. وبعد ذلك جاء حادث رزية الخميس الذي أظهر مدى رفض الأمة للتوجيهات النبوية، حيث اختارت أن تتبع الظن وأهواء الحكام بدلًا من اتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله.
الفرق بين حكم آل محمد وأهل الرأي
هناك فرق جوهري بين من يتبع حكم آل محمد عليهم السلام المأخوذ مباشرة من النبي عن جبرائيل عن الله تعالى، وبين من يعتمد على الرأي والاجتهاد المبني على الظنون والأسس الباطلة. اتباع آل محمد عليهم السلام هو اليقين الذي يحفظ الإنسان من الضلال، بينما اتباع غيرهم يقود إلى الابتعاد عن الحق.
الخاتمة
وجوب اتباع آل محمد عليهم السلام هو أمر واضح من خلال نصوص القرآن الكريم وتوجيهات النبي محمد صلى الله عليه وآله. الأمة مطالبة بالبحث عن الحق من مصادره الأصلية وعدم الانسياق خلف الأهواء أو اتباع الأكثرية التي قد تضللهم عن الطريق الصحيح.
نعي مصيبة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء