النبأ العظيم في القرآن – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)
إن زمان ومكان ظهور الإسلام ونزول القرآن كان شديد التلوث بأرجاس الجاهلية، فكانت الحياة الجاهلية حياة فوضوية بل كانت أكثر فوضة من حياة الغابة، لذلك عند مجيء الإسلام بتعاليمه السمحة وعند نزول القرآن بقوانينه المنظمة، عظم ذلك الأمر عند المشركين، بل إن القرآن نزل بعقيدة التوحيد ونبذ كل أشكال الشرك بالله تعالى وعبادة الأصنام، لذلك ذهب بعض المفسرين إلى أن النبأ العظيم هو القرآن الكريم
ومن الأحكام العظيمة التي جاء بها الإسلام والتي على أساسها إما يبنى مجتمع بأكمله أو يدمر مجتمع بأسره، وهي موضوع التماسك الأسري، فالحياة الأسرية عند الجاهلية كانت كذلك حياة تملؤها الفوضة، حيث كانت المرأة محتقرة ومنبوذة، وكان الزنا ظاهرة مستشرية في المجتمع الجاهلي، ولم يكن فيه قيمة للأم والزوجة والأخت، فلم تكن النظرة للمرأة التي هي أساس وكيان الأسرة إلا وسيلة إنجاب وجسد تفرغ به الشهوة.
وأيضا من الأمور التي حرض عليها الإسلام هي طلب العلم، في حيث كان أغلب العرب في زمن الجاهلية أميين لا يقرأون ولا يكتبون، حتى وإن وجد بينهم من يقرأ ويكتب فتراه فاقد للأرضية الثقافية، فإن الأمة التي تفتقد للثقافة وللمثقفين هي أمة منهارة ومتآكلة، لأن الفئة المثقفة هي التي تحمي المجتمع من الأفكار والتقاليد الهدامة، وتعصمه عن الوقوع تخت مخالب الدجالين والخرافيين، فالإنسان هو سيد الموجودات بما مييز به في عقله، فإن غيب عقله بالدجل والخرافات، ذهبت كرامته في مهب الريح.
وفي رأي آخر ذهب بعض المفسرين إلى أن النبأ العظيم هو يوم القيامة، ففي القرآن الكريم عدة آيات تذكر بيوم القيامة، والهدف من ذلك هو تذكر الإنسان بأن له يوم يحاسب فيه عن كل شيء، حتى يعطي أمل للمؤمنين والمستضعفين بأن لهم يوم يأخذون به حقهم ويفون جزائهم، وينبه الظالمين والكفار إلى أن لهم يوم سيحابون به عما أقترفته أيديهم.
وفي تفسير آخر فسر النبأ العظيم بأنه هو رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي عليه السلام، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وآله قد أختلفت في أمره قريش وأمير المؤمنين عليه السلام قد أختلف في أمره المنافقين وقد عظم ذلك في أنفسهم، وما كان ذلك الأختلاف إلا حسداً من عند أنفسهم.