تأملات في الآية (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ) – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)
مقدمة
إن الله سبحانه وتعالى أنزل هذه الآية لهدفين: الأول؛ أن يذكر الإنسان بفضل أبويه عليه، وأنهما السبب المباشر لوجوده في هذه الحياة. نعم إن البعض من البشر ينظر لذلك نظرة تشاؤمية، فالحياة كلها هموم ومشاكل، وقد لا ترى فرداً في هذه الدنيا من هو يعيش سعادة مطلقة، ذلك ترى بعض المتشائمين يرمي سبب وقوعه في تلك الهموم والمشاكل على أبويه الذين هم سبب وجوده.
فضل الأبوين وأهمية الشكر لهما
لكن في الواقع هؤلاء المتشائمون لم يفهموا المقصد من وجودهم في هذه الحياة، أن الغرض منها هو إعمار الأرض، والسعي في الخير، وأنها اختبار إذا نجح الفرد فيه فاز بنعيم الآخرة الأبدي.
التواضع وتذكر الأصل
والهدف الثاني من نزول هذه الآية هو: تذكير الإنسان بأصله، وأنه من أي مادة خلق، حتى ينزع منه بذرة التكبر، فكما يقول أحد الحكماء: عجباً لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين، والله سبحانه وتعالى يقول: (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ).
دور الأم في تكوين الجنين
ونسفت الآية الكريمة الاعتقاد السائد عند العرب أن الإنسان إنما تكوينه من صلب الرجل فقط، وأن النساء هن مجرد أوعية تحمل تلك النطفة في رحمها، ووضحت تلك الحقيقة الغائبة والتي أكدها العلم الحديث أن الإنسان يتكون من نطفة الرجل التي تخرج من صلبه ومن نطفة المرأة التي تخرج من موضع القلادة، ولذلك تجد أن الأم لها الدور الكبير في تكوين الجنين وراثياً وأخلاقياً.
تكريم الإسلام للأم
ولأنها كانت تعتبر مجرد وعاء كانوا لا يقيمون وزناً لها، أما الإسلام فقد أكد على تكريمها ووضع الجنة تحت قدمها إذا أحسنت تربية ولدها.
مسؤولية الأبوين في تربية الطفل
فإنه كما أن الأب والأم مسؤولين بشكل كامل عن تكوين الجنين خلقياً، كذلك هما مسؤولين بشكل كامل عن تربية الطفل أخلاقياً، فإنه من الملاحظ عند المجتمع أن الأب يرمي حمل التربية على الأم ثم تأتي الام لترمي هم ذلك على الخادمة أو على أهل أحد الزوجين.
خاتمة
في الختام، تذكرنا آية (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ) بأهمية التواضع والشكر للأبوين، وتوضح لنا دور الأم الكبير في تكوين الجنين وتربيته. إن فهم هذه الدروس والعبر يمكن أن يساعدنا في تحسين حياتنا اليومية وتعزيز علاقاتنا مع الآخرين. علينا أن نتذكر دائمًا أن الحياة اختبار، وأن النجاح فيه يتطلب منا السعي في الخير والتعاون مع الآخرين لتحقيق الأهداف النبيلة.