وجوب اتباع آل محمد ع – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)
إن عموم البشر إذا أرادوا معرفة أمر إن كان حق أم لا، أخذوا بعين الاعتبار رأي الاكثرية، ولذلك أخذ القرآن على عاتقه تصحيح المفاهيم الخاطئة عند الناس، فنزلت هذه الآية لتبين لهم أن الأكثرية ليست هي المعيار الصحيح في بيان الحق.
والامثلة على ذلك كثيرة: فكما هو معلوم أن لشرب الخمر وتدخين السجائر مضار كثيرة، ولكن لو أحصينا عدد المدخنين وشاربي الخمر في العالم لوجدنا أن عددهم أكثر بكثير من غير المدخنين وغير شاربي الخمر، ومع ذلك لاتجد إلا الشاذ من البشر من ينكر ضررهما…
ووضحت الآية أن علة الإضلال أن عوام الناس هم من غير أهل العلم، ومن لا يملك العلم لا يحق له أن يفتي ويعطي رأيه في الدين، فهو بسبب عدم امتلاك العلم حتما لا يملك الدليل العلمي، إنما دليله ظني وكما ذكر سبحانه في آية أخرى: (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) وعدم اتباع الحق إنما هو عين الضلال والإضلال.
فالمدقق الباحث في التاريخ يجد أن أهل البيت عليهم السلام كان لديهم أتباع قلة، بينما كانم مخالفوهم كثيرون، فهذه جبهة الحق في كربلاء كان عدد أصحابها بضع وسبعون رجلاً، بينما كانت جبهة الباطل تملك ما يزيد عن ثلاثون ألف شخص بل ويملكون فوقهم المدد.
رغم أن طاعة آل محمد عليهم السلام واتباعهم هو الأمر اليقيني الذي أكد عليه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في مواضع كثيرة وأخرها كان في يوم الغدير وبعد ذلك في واقعة رزية الخميس، لكن أن الأمة أبت إلا اتباع الظن وطاعة الحكام وأهل الأهواء.
ففرق بين من يتبع حكم آل محمد عليهم السلام المأخوذ من النبي عن جبرائل عن الباري، وبين من يتبع اهل الرأي والاجتهاد المبني على أسس باطلة.
نعي مصيبة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء