الرحمة النبوية: قيمٌ وأثر – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
مقدمة
تعد الرحمة من أبرز خصائص النبي محمد صلى الله عليه وآله، حيث تميزت رحمة النبي بالاتساع والشمولية، فلم تقتصر على المؤمنين فحسب، بل شملت كل إنسان على وجه الأرض.
الرحمة في القرآن الكريم
قال الله تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ…” (آل عمران: 159). هذه الآية تجسد أهمية الرحمة في تعامل النبي مع قومه، حيث كانت طبيعته الودودة سببًا في التفاف الناس حوله.
نماذج من الرحمة النبوية
تجلت رحمة النبي صلى الله عليه وآله في مواقف عديدة:
- بعد الفتح: حيث عفا عن أهل مكة رغم الأذى الذي تعرض له.
- في الطائف: أظهر الرحمة حتى مع من أساء إليه، ولم يدعُ عليهم.
- مع المنافقين: حيث تجنب فضحهم أو معاقبتهم.
- في غزوة أحد: عفا عن الجنود الذين أخطأوا رغم الأذى الذي لحق به.
الرحمة عند أمير المؤمنين علي عليه السلام
تظهر الرحمة أيضًا في حياة أمير المؤمنين علي عليه السلام، الذي أكد أن نجاحه في الآخرة هو هدفه الحقيقي، فقال: (وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُه). مما يدل على علو قيم الرحمة في حياته.
أثر الرحمة النبوية على مجتمع الجزيرة العربية
استطاع النبي صلى الله عليه وآله تحويل المجتمع الجاهلي إلى مجتمع متحضر، متخلق بأخلاق الإسلام. كانت مهمته ليست سهلة، بل واجه تحديات عظيمة نتيجة الخشونة التي كان يتصف بها أهل الجزيرة.
بل إن أحدهم جاء ليأمره بالعدل حتى قال له صلى الله عليه وآله: (ويلك، من يعدل إذا لم أعدل، فقال عمر: ائذن لي فلأضرب عنقه، قال: لا) فرغم تلك الجسارة التي بدرت من ذلك الشخص إلا أنه لم يعف عنه فقط بل أعطاه سهمه من الغنيمة.
الخاتمة
إن الرحمة النبوية ليست مجرد سمة أخلاقية، بل هي أساس لبناء المجتمعات وتحقيق السلم الداخلي. ينبغي على المسلمين اليوم أن يتبعوا هذا النهج في حياتهم اليومية، مستلهمين من قيم النبي محمد صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي عليه السلام.
نعي مصيبة أم البنين عليها السلام