قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

الاختلاف بين الناس – د. الشيخ أحمد الوائلي

المقدمة:

تأتي الآية القرآنية “وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا” كتسلية لقلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بعدما لاحظ الاختلافات التي بدأت تظهر بين أصحابه. هذه الآية تفتح المجال لمناقشة عدة قضايا تتعلق بالخلاف بين البشر، أسباب حدوثه، وكيف ينظر العلماء والمفسرون لهذه الظاهرة. وسنستعرض ثلاثة آراء رئيسية حول الآية الكريمة، ونبحث في أسباب الخلاف بين الناس منذ بداية البشرية:

الرأي الأول: آدم وأسرته هم المقصودون في الآية

تشير بعض التفاسير إلى أن المقصود في الآية هم آدم عليه السلام وأسرته. ورغم وجود روايات تشير إلى وجود عوالم أخرى ولكل عالم آدم خاص به، يتفق هذا التفسير مع ما توصلت إليه الحفريات الحديثة، التي أثبتت وجود البشر منذ مئات آلاف السنين. ورغم أن تقديرات وجود آدم تعود إلى نحو خمسة عشر ألف عام فقط، فإن هذه الفكرة تفتح بابًا لمزيد من البحث في طبيعة العوالم السابقة وأشكالها.

أسباب الخلاف بين أبناء آدم

كان أول خلاف بين أبناء آدم على زوجاتهم، حيث كانت إحدى الزوجات أجمل من الأخرى، مما أدى إلى نشوب الخلاف. ومع مرور الوقت، توسع الخلاف ليشمل الزراعة وموارد العيش، حيث أدت ندرة الموارد إلى تصاعد النزاعات بين البشر.

أسباب الخلاف بين البشر عبر التاريخ

احتياجات البشر كمصدر للنزاع

الاختلاف بين البشر يحدث في الأصل بسبب احتياجاتهم. فعندما تزيد حاجات الناس عن الموارد المتاحة، ينشأ الصراع والنزاع على هذه الموارد. لكن المشكلة الحقيقية ليست في نقص الإنتاج، بل في سوء التوزيع. فهناك دول ترمي بفائض إنتاجها بينما شعوب أخرى تعاني من الفقر والجوع.

والله تعالى نهى عن الإسراف في قوله: “كلوا واشربوا ولا تسرفوا”. فإذا اتبع الناس هذا التوجيه، واعتدلوا في استهلاكهم لموارد الأرض، لكانت الموارد كافية للجميع، ولما وُجد فقير أو جائع.

عدالة الإمام علي عليه السلام في توزيع العطاء

أثناء حكم الإمام علي عليه السلام، كان يساوي في توزيع العطاء بين الجميع، سواء كانوا علماء أو غيرهم، أو ممن سبقوا في الإسلام أو تأخروا. هذا الموقف أدى إلى اعتراض بعض الصحابة عليه، مما يوضح كيف يمكن أن ينشأ الخلاف في المجتمعات بسبب الفهم المختلف للأمور.

الرأي الثاني: الأمة تشير إلى الأمية والفطرة

الرأي الثاني في تفسير الآية هو أن المقصود بـ”الأمة” هم الناس على الفطرة، قبل أن ينتشر العلم. ويشير هذا التفسير إلى أن انتشار العلم أدى إلى ظهور الاختلاف بين الناس. الاختلاف في الفهم والعلم أمر طبيعي، كما يحدث بين الفقهاء في إصدار الأحكام الشرعية بناءً على استنباطهم وفهمهم للنصوص الدينية.

الرأي الثالث: عبادة الله واحدة لكل الأمم

الرأي الثالث في الآية هو أن عبادة الله واحدة لدى جميع الأمم، رغم اختلاف طقوس العبادة بين الأديان. هذا يدعونا لاحترام العبادات والمراسم الدينية لكل الفرق والأديان، وعدم السخرية منهم، حيث أن الهدف النهائي للجميع هو عبادة الله وتقديسه.

الخاتمة:

الاختلاف بين البشر هو جزء طبيعي من الحياة منذ بداية الخلق. سواء كان الخلاف بسبب الموارد، أو الفهم المختلف للعلم، أو اختلاف الطقوس الدينية، تظل الرسالة الأساسية هي احترام الآخرين والاعتدال في استخدام موارد الأرض. إن دراسة الاختلاف بين البشر كما ورد في الآية “وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا” تعمق فهمنا لأسباب هذا الخلاف وتفتح المجال لحلول مستقبلية مبنية على العدل والمساواة.

مواضيع مشابهة

واحة الفرقان – 8

الفرق بين الخلاف والاختلاف