آثار إقامة الصلاة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)
قال بعض المفسرين أن المقصود بإقامة الصلاة هو إدامة الصلاة، والصلاة المقصودة في هذه الآية هي الصلاة الواجبة.
قد يسأل احدهم هل الله سبحانه وتعالى محتاج لصلاتنا؟ وإن كان سبحانه غني عن الاحتياج لأي شيء، فلماذا أمرنا بإقامة الصلاة وتوعد من تركها؟
الجواب هنا: أن الله عز وجل نعم هو الغني المطلق ولا تنفعه طاعة مطيع ولا تضره معصية عاص، لكن فرضها علينا إقامة الصلاة وأكد على الالتزام بها لأن الإنسان بطبيعته مفتقد للكمال، والنقص ملازم له ولا ينفك عنه، ومن هذا اللحاظ فرض الله تعالى علينا أمور تكون وسيلة لتكميل العبد، ومن تلك الأمور إقامة الصلاة.
لأن الصلاة تشعر الإنسان وتذكره بالعبودية المطلقة لله تعالى، وكما هو معلوم أن العبودية تعتبر مذلة للإنسان إلا العبودية لله تعالى ففيها أعلى درجات الفخر والعزة للمؤمن أنه عبد لله، فمن عبد الله تعالى وخشاه لم يخف أحد من خلقه، بل صغر في عينه كل ما هو دون الله تعالى، بل كان أعظم ما يخشاه العبد هو غضب الباري وإعراضه جل شأنه عن مملوكه.
ففي رواية معروفة أنه كان الإمام الكاظم عليه السلام مارّاً من أمام بيت بشر، فاتفق أن فتحت جارية باب الدار لإلقاء بعض الفضلات “قمامة” وحين رمت بها في الطريق سألها الإمام عليه السلام قائلاً: يا جارية! هل صاحب هذا الدار حرٌّ أم عبدٌ؟!
فأجابته الجارية وهي مستغربة من سؤاله هذا وبشر رجل معروف بين الناس وقالت: بل هو حرّ. فقال الإمام عليه السلام: “صدقت لو كان عبداً لخاف من مولاه”
فعادت الجارية إلى الدار وكان بشر جالساً إلى مائدة الخمر، فسألها: ما الذي أبطأك؟ فروت له ما دار بينها وبين الإمام عليه السلام، وسمع ما نقلته من قول الإمام عليه السلام: “صدقت، لو كان عبداً لخاف من مولاه” فهزّه هزّاً عنيفاً أيقظه من غفلته، وأيقظه من نومة الغفلة عن الله.