أسباب الرزق – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لّا يَشْعُرُونَ)
إن الآية الكريمة تخاطب أولي الألباب، الذي لا ينظرون إلى الأمور حسب ظاهرها فقط، بل ينظرون إلى ماورائها، فالإنسان السادج عندما ينظر لصاحب النعمة يحسب أن الله تعالى يحبه ولحبه به يمده من أصناف النعيم.
إن أكثر ما يحبه المرء ويفرح به هو المال والأولاد، فإذا وجد في حياته هاتين النعمتين، ظن أن الله تعالى يسارع له في الخير وأنه في رضوانه، لكن حقيقة الأمر أن الإنسان إذا استعمل نعمة المال أو الأولاد في غير رضا الله تعالى ووجد أن الله تعالى لا يعاقبه أو يسلب منه ما أنعم عليه به فهو في حالة استدراج من الباري عز وجل.
فالإنسان بما أعطاه الله تعالى من قدرات ونعم، هو قادر على تحديد مصيره الأخروي، بمعنى أنه قادر على توجيه تلك النعم إما المباحات والطاعات وإما في ما حرم الله تعالى ونهى عنه، فالإنسان كائن مخير وليس بمسير، وإلا إن كان مسير فعلى ما يعاقب الله المذنب إن كان قد أجبر على ارتكاب الذنب؟!!.
وهنا قد يسأل أحدهم، إذا كان الله هو من يمد العباد بالرزق هل السعي في طلبه له قيمة أم لا؟
والجواب هو: أن الله تعالى جعل في نزول الرزق أسباب، ومنها السعي في طلب المال (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى)، فالرجل الذي يتعنى في الذهاب إلى العمل ويشقى في تحصيل رزقه، فهل يظن أن الله تعالى يجعل سعيه هباء منثورا؟!!
فالمال والبنون حسب ما يوجههما الفرد يصبحان إما نعمة وإما نقمة، وإنما يكون البنون نعمة من الله تعالى إذا أحسن المرء من تربية أبنائه، فالأب والأم تقع عليهما كامل المسؤلية في تربية الولد، فمن لا يراقب ولا يضبظ تصرفات ولده سأتي يوم ويتيه بين أهل الفسوق والعصيان حتى تتمكن منه الآفات، بل إن بعض الآباء هم من يجرون أبناءهم إلى الرذيلة والفسوق (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)
نعي مصيبة علي الأكبر عليه السلام