أولئك يؤتون أجرهم مرتين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)
عندما عاد المسلمون الذين هاجروا إلى الحبشة إلى الجزيرة العربية ودخلوا المدينة المنورة، كان معهم اثنين من أهل الحبشة وكانوا قد دخلوا في دين الإسلام، فالآية تقول أن أولئك الذين أمنوا بالتوراة والإنجيل كما نزل على موسى وعيسى عليهما السلام ثم أسلموا يؤتون أجرهم مرتين، مرة لأنهم أمنوا برسالات الله تعالى السابقة، ومرة لأنهم توجوا إيمانهم بالإسلام والإقرار بنبوة الخاتم صلى الله عليه وآله.
وهنا سؤال يسأله الكثير عن الإسلام باعتباره أنه خاتم الرسالات السماوية وهو: هل جاء الإسلام لينسخ كل الشرائع السابقة من الشريعة اليهودية والناصرانية، أم جاء لينسخ بعضها؟
والجواب: إن الإسلام جاء ليكمل ما جاء به الأنبياء السابقين، فهو أقر كثير من التشريعات التي كانت من قبل، ونسخ بعضها بسبب أنها كانت تصلح لذلك الزمن التي نزلت به تلك الشرائع، وانتفت المصلحة منها، أو أن أمر ما وضع الإسلام له حكم معين ولم يكن له حكم في السابق أو كان حكم ذلك الشيء مسكوت عنه.
وفي تفسير آخر لقوله تعالى: (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ) أن الإسلام شجع على شراء الجواري وعتقهن ثم التزوج بهن أو تزويجهن، ولهذا الأمر عدة أهداف أرادتها الشريعة الإسلامية، منها أن أغلب الجواري اللوات أصبحن في عهدة المسلمين هم من الروم أو الفرس أو غيرهم من شعوب الأرض، فأراد الإسلام أن يصبح بين العرب المسلمين وبين أولئك الشعوب صلة قرابة لعلها تزيل الاحتقان النفسي ضد الفاتحين.
والأمر الآخر أن التباعد في الأنساب يولد جيلاً سالماً بعكس الزواج من الأقارب الذي قد يتنج عنه مشاكل صحية عند المولود، وثالثاً أرادت الشريعة الإسلامية أن تحد من ظاهرة العبودية بل القضاء عليها، وعلى هذا يؤتى المسلم الذي أعتق الجارية وتزوجها أو زوجها أجره مرتين: مرة ثواب عتق رقبة ومرة أخرى ثواب الزواج أو تزويج المسلم.