كلوا واشربوا ولا تسرفوا – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
إن العرب قبل الإسلام إذا أرادوا الطواف حول الكعبة كانوا يدعون ثيابهم لأنهم يعتقدون أنه قد تكون من مال حرام أو يشتبه بها أنها من مال حرام، و كانوا أيضاً عند العبادة يلبسون الثياب الرثة والبالية ويدعون الطيب من باب الإقبال على الخالق وهم في حال الزهد.
والمسلمون بعد البعثة كانوا لا يزالون متأثرين ببعض تلك المعتقدات، فلذا نزلت الآية لتأمرهم بلبس أفضل ثيابهم وبالتطيب عند عزمهم الذهاب للمساجد بل إن من المستحبات المؤكدة في الإسلام غسل الجمعة حتى يقبل المؤمن على المسجد بطهارة ونظافة بدنية وروحية.
من الملاحظ أن الآية الكريمة وجهت الخطاب لعموم بني آدم، والحال أن الأمر ينبغي أن يوجه للمسلمين، وليس من أحد غير المسلمين يذهب إلى المساجد، وعلة ذلك لأن التكاليف الإلهية موجهة للمسلم ولغير المسلم، سواء كانت في الأصول كالاعتقاد بالله والنبوة أو في الفروع كالصلاة والصيام وغير ذلك.
وقوله تعالى: (عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ذلك لأن كل مسجد من مساجد الله تعالى هو بيت لكل المسلمين، وحق الدخول إليه ممنوح لكل مسلم من أي مذهب كان، طالما أنه يشهد لله بالوحدانية، وللنبي صلى الله عليه وآله بالرسالة، وصلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، ولم ينكر معلوم من الدين بالضرورة.
فالآية الكريمة تنفي استحباب ترك اللباس الحسن والطعام الجيد وترك التعطر والتنظيف، وليس كما كان ولا زال يظن الكثير أن ترك تلك الأمور من الزهد، ولكن وضعت الآية شرط عدم الاسراف، لأن الإسلام أراد أن يكون المجتمع به نوع من الاكتفاء، فعندما يكثر الأغنياء وأصحاب الأموال في الإسراف والبذخ، سيكون ذلك على حساب لقمة عوام الناس وخاصة الفقراء منهم.
نعي مصائب العقيلة زينب عليها السلام يوم العاشر من محرم