آثار التعبئة العقائدية – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ)
هذه الآية هي من سورة التوبة، وسورة التوبة سميت بالفاضحة لأنها فضحت المنافقين وأفعالهم وتآمرهم على النبي صلى الله عليه وآله.
وهذه الآية وغيرها من الآيات التي تفضح المنافقين دليل واضع على عدم جواز القول بعدالة جميع الصحابة، ولا يظن أحد أن المذهب الشيعي منهجه التجريح بالصحابة، لكن منهجه هو القول بعدالة من ثبتت عدالته، ولا يمكن لمجرد التشرف بالجلوس مع النبي صلى الله عليه وآله أن يكسب المرء منه العصمة أو حتى العدالة الدائمة، إنما العبرة دائماً بالخواتيم والالتزام بما نزل بكتاب الله وسنة نبيه.
وسبب نزول الآية أنه كان مجموعة من المنافقين يسيرون بين يدي النبي صلى اللّه عليه وآله في غزوة تبوك وركب فقالوا باستهزاء: يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها ؟، فأطلع اللّه نبيه صلى اللّه عليه وآله على ما قالوا، فقال: (عليَّ بهؤلاء النفر) فدعاهم فقال: (قلتم كذا وكذا)، فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب.
لكن بفضل الله تعالى على نبيه وعلى المؤمنين من حوله أنه تم النصر على الروم في تلك الغزوة، والسر في ذلك أولاً تأييد من الله تعالى وثانياً بفضل التعبئة العقائدية التي كانت في نفوسهم، فليس من يقاتل عن إيمان وعقيدة ولينال جنات عرضها السماوات والأرض كمن يقاتل لينال متاع قليل من الدنيا.
وبهذه الروحية قاتل أصحاب الحسين عليه السلام، كانوا يعلمون أنهم مقتولون لا محالة، إلا أنه كان الرجل منهم يحمل على القوم حملة وكأن كتيبة حملت عليهم، فالرجل منهم كان مشحوناً شحناً عقائدياً لا يمكن معه التراجع، ومنهم أيضاً من أدركته عناية الله تعالى ولحق بركب الجنة مع سيد الشهداء كالحر الرياحي، الذي خير نفسه بين الجنة والنار ولم يختر على الجنة بدلاً.
نعي مصائب أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء