أهمية تثقيف النفس دينياً – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
الأعراب هم من يسكنون البادية سواءً كانوا عرباً أم لا، وقد جاءت الآيات بذم أفعالهم لأنهم بعيدون عن مراكز الحضارة وبعيدون أيضا عن تلقي القيم الاجتماعية والدينية، فالإنسان الذي لا يملك قيم تضبط أفعاله تجده يمارس أفعاله بناءً على ما تملي عليه غريززته.
فعن أبي جعفر عليه السلام قال (تفقهوا في الحلال والحرام وإلا فأنتم أعراب). أي فأنتم في الجهل بالأحكام الشرعية كالاعراب الذين قال الله فيهم: (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا).
نعم إن الزمن الذي نحن فيه قد يعيق الأب لكثرة مسؤلياته من تعليم أبنائه القيم الأخلاقية والدينية، لذا ينبغي على المدارس والمؤسسات التعليمية أن تقوم بإضافة إلى تعليم الطلاب العلوم الدنيوية أن تقوم على تعليمهم بعض من تلك الاحكام الدينية والقيم الاجتماعية النبيلة حتى نحظى بجيل مثقف وواع وحضاري.
فالفرد في المجتمعات المدنية المتحضرة إذا وقع نزاع بينه وبين آخر تجده يلجأ إلى القانون الذي سيحكم بالعدل بين المتخاصمين، بعكس المجتمع الأعرابي فإنه لا يفض نزاعاته إلا بالسيف والدم والثأر، وهذا الأمر من النزاعات ليس فقط يدوم طويلاً بل يأخذ من الدماء الكثير.
كذلك الإنسان الذي يملك قيم حضارية ودينية تمنعه نفسه حتى مع الخلوة من أن يمد يديه إلى ملك أو عرض أو دم غيره، بعكس الفرد الذي لا يملك تلك القيم ولا يرى الله عليه رقيباً فإنه بمجرد أن سنحت له الفرصة لسلب ملك الغير فلا يتوانى عن ذلك لحظة.
لذا الإنسان الذي يريد النجاة بنفسه وأهله في يوم القيامة عليه أن يبحث عن مصادر المعرفة الحقيقية، فالله تعالى إنما وهب لنا العقل لنميز به بين الخبيث والطيب، فكما أحدنا إذا أراد أن يأكل يختار لنفسه الطعام الطيب، كذلك عليه أن يختار لعقله الأفكار والقيم السامية النبيلة ويختار لدينه ما أمر الله تعالى به، وهذا ما قصده القرآن الكريم بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا….)
نعي مصيبة علي الأكبر عليه السلام