هل الاختلاف رحمة أم نقمة؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ…). يتساءل البعض لماذا لم يجمع الله الناس على كلمة ودين واحد. فهل الاختلاف بين الناس سبب للحروب أم أنه يحمل حكمة ورحمة؟
أسباب الاختلاف بين البشر:
البعض قد يشكل على الله جل جلاله أنه لم يجمع الناس على كلمة واحدة ودين واحد ومذهب واحد، وإن هذا الاختلاف بين الناس هو سبب ما وقع ويقع بينهم من حروب وسفك للدماء. الجواب يكمن في أن الله قد خلق للإنسان العقل ومنحه حرية الاعتقاد، فالإجبار على الدين يسلب حرية الاختيار.
الحكمة من الاختلاف:
قد يكون الاختلاف رحمة، فالاختلاف في القوة البدنية ينمي شعور الرحمة، حيث ندب القوي لإعانة الضعيف. كذلك الحال بين الغني والفقير وصاحب الفكر السديد مع صاحب الفكر المحدود.
الاختلاف بين الفقهاء:
الاختلاف بين الفقهاء قد يكون رحمة، مثلما هو الحال في مسألة الذبح بالآله. تعدد الآراء يتيح بدائل وحلولًا عملية للمسلمين في ظروف مختلفة. مثلاً، لو أن الفقهاء جميعًا اتفقوا على عدم الحلّيّة لكان ذلك حرجاً على من لا يوجد في بلدهم إلا هذه الطريقة بالذبح.
أسباب الاختلاف العلمي:
إن أسباب الاختلاف بين الناس إما أن يكون بسبب علمي؛ أي منشأه فهم الآية أو الرواية أو اختلاف على تطبيق بعض القواعد الفقهية على الآية أو الرواية. هذا النوع من الاختلاف لا ينبغي أن ينتج عنه عداوة.
حقيقة المذهب الشيعي:
إن اتباع الشيعة الإثنا عشرية لأهل البيت عليهم السلام ليس بسبب عداوة مع الآخرين ولا لأجل خلق عداوة معهم، ولكن الأدلة القرآنية والحديثية هي من أخذت بنا لاتباعهم. كقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) وقوله تعالى: (قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) وقوله صلى الله عليه وآله: (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرِق).
الخاتمة:
فالإنسان عند موته لا يذهب للفناء بل يذهب ليلقى جزاء أعماله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وقال تعالى إلى ربكم ولم يقل إلى إلهكم لأن الرب هو الذي رباك ودبر أمرك في الحياة الدنيا وهو يدبرها بعد وفاتك، فأنت ستذهب إلى رب كريم لا إلى بخيل.
مواضيع مشابهة