البحث حول قوله تعالى:(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
إن التاريخ لا زال حي يعيش بيننا فلو أن أحدنا قرأ أو اطلع على حادثة من الحوادث التي وقعت في زمن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أو في زمن أهل البيت عليهم السلام لتأثر بها.
إننا نحتاج إلى أن نتعرف على أجدادنا والحوادث التي وقعت في غابر الزمان ونستفيد من تجاربهم بالوقت نفسه يجب أن ننقل تجاربنا للأجيال اللاحقة.
إن التّاريخ هو الذي يوحد الأجيال إذ أنه سلسلة مترابطة من بدايته إلى زماننا هذا وينقسم إلى قسمين تاريخ الكتاب وتاريخ التراب.
منذ متى بدأ تدوين التاريخ وما هي أهم مشكلاته؟
يختلف المؤرخون في كتابتهم للتاريخ، فمنهم من يكتب التّاريخ بحسن نية، ومنهم من لا يؤهله مستواه العلمي لكتابة التاريخ فينقل التاريخ من دون التثبت من مضمونه ومن رواته، ومنهم العالم الذي يمنعه هواه من تحري الصدق في كتاباته.
إن للأسف الشديد هناك كثير من المؤرخين يتجاهلون في كتبهم ذكر أهل البيت عليهم السلام، فعلى سبيل المثال نرى ابن خلكان يتجنب ذكر الحسين عليه السلام في كتابه وعندما يسأل عن ذلك يقول أنه ذكر في كتابه من يهتم بهم التاريخ فقط.
من أين نأخذ التّاريخ؟
يؤخذ التاريخ من الثقة والموضوعي، الذي يرى أن التّاريخ أمانة في عنقه وعليه أن يوصله للأجيال، ولا يدخل آرائه وأفكاره فيما ينقل بل ينقل الأحداث بكل موضوعية ويدع تفسيرها لفلاسفة التاريخ.
إننا نرى في الآونة الأخيرة حساسية شديدة بالنسبة إلى الرواة الشيعة والحال أننا لا نرى ذلك في العصور المتقدمة فنرى البخاري ومسلم ينقلون في كتبهم عن عشرات المشايخ الشيعة وكذلك الشيعة لا يجدون غضاضة في أن ينقلوا من سائر المذاهب الإسلامية إن كان الراوي ثقة ويعتمد على حديثه.
إن التنازع والاختلاف يؤدي إلى استيلاء أهل الباطل وتسلطهم على أهل الحق وقد قال الله سبحانه وتعالى:(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
عن ابن عبّاس: في قوله وَمَنْ يُهٰاجِرْ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ يقول في طاعة اللّه- يَجدْ فِي اَلْأَرْضِ مُرٰاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً يقول في التحويل من الأرض إلى الأرض والسعة في الأرض قال فلما نزلت هذه الآية سمعها رجل من بني ليث هو شيخ كبير يقال له جندع بن ضمرة فقال واللّه ما أنا ممن استثنى اللّه
وإنّي لأجد حيلة واللّه لا أبيت الليلة بمكّة فخرجوا يحملونه على سرير حتّى أتوا به التنعيم فأدركه الموت بها فصفق بيمينه عن شماله ثمّ قال اللّهمّ هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا
فنزل وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهٰاجراً إِلَى اَللّٰهِ وَرَسُولِهِ بالمدينة ثُمَّ يُدْرِكْهُ اَلْمَوْتُ بالتنعيم فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اَللّٰهِ يعني أجر الجهاد وأجر المهاجرة على اللّه الجنة – وَكٰانَ اَللّٰهُ غَفُوراً رَحِيماً لما كان في الشرك.
إن من إيجابيات التّاريخ معرفة النماذج المشرفة فيه والذين يعتز بها الإنسان ويسمو بهم.
إن من سلبيات التاريخ هي إثارة النعرات الطائفية التي عمل عليها اليهود في صدر الإسلام على سبيل المثال منهم ذلك اليهودي الذي حاول إثارة الفتنة بين الأوس والخزرج من خلال إعادة إحياء الضغائن بينهم مما أدى إلى النزاع بينهم حتى عتب عليهم النبي صلى الله عليه وآله قائلا: أتفعلونها وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة.
ما هو المصدر الترابي للتاريخ؟
هو ما أشارت إليه الآية الكريمة:((قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)، ومن فوائد هذا التاريخ معرفة الموجودات التي كانت على الأرض وانقرضت ومن فوائده معرفة عمر الإنسان على الأرض فأعلم من خلال الجيولوجيا وجود بشر قبل آدم عليه السلام وهلم جرا.
رجوع السبايا إلى كربلاء-تعزية-.