العقيدة الصحيحة والعقائد الفاسدة– د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون * بل جاء بالحق وصدق المرسلين)
ما هي العقيدة الصحيحة والعقائد الفاسدة؟ سؤال يطرحه الكثيرون على أنفسهم لكن الأكثرية تكاد لا تستطيع جوابا لهذا السؤال، لأن العقيدة من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدا، ومن الصعب على الكثيرين أن يتركوا ملة آبائهم وعقيدة أسلافهم ويغيروا عقيدتهم مهما بان لهم فسادها وضلالها.
إن الإنسان بطبعه كائن متعقل، وهذا ما يميزه عن سائر المخلوقات، ولذلك يقال إن ما نسبته 75% من سلوك الإنسان سلوك عقلي، فهو لا يتحرك ولا يقدم على فعل أو قول إلا ويفكر قبلها.
ومع ذلك فإنك تجد هذا الإنسان العاقل الواعي المثقف الذي يملك من العلم والثقافة الكثير، ويتكئ على حضارة عمرها آلاف السنين، ولكنه مع ذلك ما إن يحين المغرب حتى يخرج صنما من حديد أو حجارة أو خشب فيسجد له ويعظمه، فأي لون من العقل يبيح لهذا الكائن العاقل فعل ذلك؟
في الحقيقة إن من أسباب ذلك الثقة العمياء المطلقة بالآباء وبما أورثونا إياه، فالإنسان بطبعه يثق بأبيه أكثر من ثقته بسائر الناس لأنه من رباه وأنشأه وأعطاه، وهذه من الاستدلالات التي أوردها القرآن الكريم في بعض المواطن حيث كان الكفار والمشركون يستغربون من دعوتهم إلى عقيدة أخرى رغم أن كل آبائهم وأجدادهم وأسلافهم كانوا على تلك العقيدة وذلك المذهب، فيتساءلون في قرارة أنفسهم: هل يعقل أن يكون كل هؤلاء على خطأ وأنت يا من تدعوني إلى اعتناق مذهب جديد وعقيدة جديدة على صواب؟
والحق أنه ليس ممتنعا أن يكون جميعهم على خطأ خاصة وإن كان تفكيرهم بهذا الشكل، فكل يلقي بالكرة في ملعب أسلافه فيعتبرهم معصومين ولا يمكن أن يخطؤوا بأجمعهم وهكذا دواليك.
وفي الواقع هذا ليس بالأمر السهل بتاتا، فمن الصعب جدا على المرء أن ينكر كل تاريخه وتاريخ آبائه وأسلافه وعقائدهم ومذهبهم وعاداتهم وتقاليدهم وأفعالهم واعتناق مذهب جديد وعقيدة جديدة، فهو ليس بالأمر الهين على الإطلاق.
مواضيع مشابهة
لقاء على الهدى – 14 – العلاقة مع صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه