أسباب نزول الوحي – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * وللآخرة خير لك من الأولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى)
إن الوحي لا ينزل على النبي صلى الله عليه وآله دون سبب وعلة، لكن مشركي قريش في مكة لم يكونوا يفقهوا من هذا الحديث شيئا، فعندما مرت فترة من الفترات لم ينزل فيها الوحي على النبي صلى الله عليه وآله انتشرت الشائعات بأن الله قد ترك نبيه صلى الله عليه وآله ولم يعد ينزل عليه الوحي لأنه رأى منه شيئا ما.
ويقول بعض المفسرين بأن سبب نزول هذه الآيات هو أنه عندما كانت خولة خادمة النبي صلى الله عليه ذات يوم تكنس حجرة النبي صلى الله عليه وآله ووصلت إلى سرير كان يضطجع عليه النبي صلى الله عليه وآله كان مصنوعا من جريد النخل، رأت جثة جرو وهو صغير الكلب ميتا تحت السرير.
وكان النبي صلى الله عليه وآله قد حزن حزنا شديدا لتوقف نزول الوحي عليه لبرهة من الزمن، لكن المفسرين هؤلاء يقولون بأنه بمجرد اكتشاف جثة الجرو هذا وإخراجه من حجرة النبي صلى الله عليه وآله عاد الوحي للنزول على قلب النبي صلى الله عليه وآله.
وفي هذا التفسير عدة إشكالات وعلامات استفهام، فما علاقة وجود جثة جرو أو كلب تحت سرير النبي صلى الله عليه وآله بعدم نزول الوحي؟ وكيف لم ينتبه النبي صلى الله عليه وآله الذي ينام على ذلك السرير بوجود جثة ذلك الجرو، حيث من المعلوم أن رائحة الجثة تفوح بمجرد موت صاحبها، فكيف لم ينتبه النبي صلى الله عليه وآله إلى وجودها؟
وتستغرب من وجود العديد من الروايات التي تجعل من الكلب مخلوقا خبيثا منبوذا، فتجعله مما يقطع الصلاة، فقد ورد في حديث في كتب القوم بأن مما يقطع الصلاة المرأة والكلب الأسود، فما ذنب المرأة والكلب الأسود ليقطعا الصلاة، ومن المعلوم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله كانت في الحجرة حيث كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي صلواته ولم يكن يعترض على وجودها بحكم أنها تقطع الصلاة.
إذن فالسبب الحقيقي وراء نزول هذه الآيات بعيد عن كل البعد عن مثل هذه التبريرات الواهية، لأن نزول الوحي له أسبابه ولا ينزل اعتباطا ودون أي سبب، فهو إما ينزل لتثبيت حكم أو للتعليق على واقعة ما واستخلاص الدروس منها وما شابه ذلك، ولا علاقة للكلب وأمثاله في مثل ذلك.