خلق آدم عليه السلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)
جاءت هذه الآية الكريمة بعد الآية المباركة (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)، فعندما عرض الله هذه الأسماء على الملائكة وأراد منهم شرح مسمياتها لم يستطيعوا ذلك.
قد يكون أحدنا لا يتقن لغة ما، فعندما يأتي إليها قد يستطيع قراءتها أو تهجي كلماتها وحروفها لكنه لن يفقه معنى الكلمات مهما حاول.
وحول تسمية آدم عليه السلام هناك رأيان: الرأي الأول يقول بأن آدم اسم مأخوذ من أديم الأرض أي وجه الأرض وسطحها، والسر في الأخذ من أديم الأرض هو أن الله يريد أن يزرع فينا حب التراب الذي ولدنا فيه وحب الأوطان، ولذلك تجد الإنسان يحن إلى التربة التي ولد فيها وترعرع ونشأ حنينا لا حدود له حتى لو كانت تلك التربة صحراء قاحلة، ولو نقلته إلى جنة خضراء مثمرة لفضل تلك الأرض وتلك التربة على هذه الجنة الغناء.
كما يشير هذا المعنى إلى حكمة مفادها أن الإنسان المخلوق من تراب عليه أن يعرف أصله وأساس خلقه فلا يتكبر على أحد لأنه من التراب وسيعود إلى التراب يوما ما، فلا داعي أبدا للتكبر والعجرفة والتسلط والطغيان وما أشدها من آفة ابتليت بها البشرية منذ غابر الأزمان.
والرأي الآخر في تسمية آدم عليه السلام هو أنه مأخوذ من الأدمة أي السمرة، أي أن نبي الله آدم عليه السلام كان أسمر البشرة، فكان النبي آدم عليه السلام بحسب هذا الرأي أسمر اللون.
ويرد على هذا الرأي إشكال بأنه لو كان الأمر كذلك لكان البشر من نسل آدم عليه السلام كلهم سمر، والحال إننا نجد في البشرية ألوانا متعددة للبشرة من أبيض وأسمر وأحمر وأصفر.
وهذا يدفعنا إلى الاعتقاد بأن آدم عليه السلام ليس الأب الوحيد للبشرية، وقد ورد في روايات أهل البيت عليهم السلام عن الإمام الصادق عليه السلام بأن آدم عليه السلام ليس واحدا بل هناك ألف ألف آدم وألف ألف عالم قبل آدمنا ونحن في آخر هذه العوالم، وهذا ما يتناسب مع النظريات العلمية الحديثة التي وجدت حفريات لبشر يزيد عمرها عن مليوني سنة.