نتيجة الإساءة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ…)
لقد سبق هذه الآية الكريمة آية تقول (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ..)، وكأن الله تعالى يريد أن يضع المحسنين في جانب والمسيئين بجانب، فالذين أحسنوا وعدهم الله بالجنة، أما الذين كسبوا السيئات فيجزون بسوء فعالهم، لذلك عبر الله عن فعلهم بالكسب لأن الإنسان محسناً كان أم مسيئاً إنما عمله كان بإرادة محضة منه لذلك وجب على المسيء العذاب.
وفي قوله (كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ) إشارة إلى أن السيئة قبل أن يقبحها الشارع هي قبيحة بالأصل، لا كما أدعى الأشاعرة أن القبيح ما قبحة الشارع والحسن ما حسنه الشارع، إنما الشارع قبح فعل ما وحسن آخر لأن ذلك الفعل القبيح هو قبيح بحد ذاته، كذلك الحسن أمر به لأنه حسن بذاته.
و قوله (جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا) هذه المماثلة إفترضها الشارع في مماثلة السيئات تحقيقاً للعدالة، وهذا المبدأ أكد عليه الإسلام لأنه نزل في محيط يلقي المسؤلية الجنائية على المجتمع بأكمله، فإذا ارتكب شخص جناية بحق فرد يأخد أهل المجني عليه ثأرهم من جميع أهل الجاني وعائلته.
وقد عبر الباري عن أصحاب السيئات أنه (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) فالإنسان الذي يرتكب السيئات قلبه خال من نور الله تعالى، ومن خلا قلبه من نور الله يعيش في ظلام الذل، وأنه سيقف مذلولاً بين يدي الله يوم القيامة مفضوحاً بين خلقه.
وفي قوله تعالى (مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ) فالمسيئين إذا كان في الدنيا من يحميهم ويستر عليهم فهم في يوم القيامة فاقدين لكل أشكال الحماية والعصمة من عذاب الله تعالى.
نعي مصيبة علي الأكبر عليه السلام