احتجاج موسى على فرعون – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى* قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)
في الآيات التي سبقت الآيتين الكريمتين ذكرت محاورة بين فرعون وموسى عليه السلام، وقد سأل فرعون عن رب موسى ولم يسأله عن إلهه، وذلك من جهتين لأن فرعون كان يدعي الربوبية وأنه يستحق العبادة، وثانياً أن فرعون يريد أن يتمنن على موسى أنه هو من رباه وتبناه منذ صغره.
في قصة موسى حكمة أنه إذا وقع من الله التقدير لن ينفع العبد التدبير، كيف أن فرعون كان يذبح أطفال بني إسرائيل ويستحيي نسائهم بعدما أخبرته النبوءة أن من سيزيل حكمه فتى من بني إسرائيل، ولكن الله تعالى شاء أن يربى موسى عليه السلام _الذي به تحققت تلك النبوءة_ بعدما استقر اليم الذي وضع فيه عند قصر فرعون من طفولته إلى ان أصبح شاباً، حتى بعث بالرسالة وقضى أخيراً على ملك فرعون.
وفي الآية (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) كان جواب موسى عليه السلام فيها رصيناً، إذ أن الآية فيها تقديم وتأخير، فالله أولاً سخر للإنسان كل ما في الوجود من مخلوقات ثم هداه ليسخر تلك المخلوقات لخدمته.
فكأن الله أعطى للبشرية على هذه الأرض المواد الأولية لكل صناعة فجاء الإنسان بتعليم الله له ليصنع منها اليوم الطائرات والسيارات وكل الوسائل التي أصبحت اليوم تسهل حياة البشر.
وفي رأي آخر لتفسير هذه الآية، أن الله تعالى أعطى كل أحد من خلقه من بشر وحيوانات وحشرات ما تحتاج إليه لمعيشتها، وهداها لطرق تغذيتها، فأعطى الطائر جناحيه ليستعين بهما على الطيران وأعطى السمك الزعانف ليستعين بها على الغوص في البحر، وأعطى الإنسان كل مايحتاج إليه من وسائل لعيشه ثم هدى العقول النيرة لتتفكر بآيات الله تعالى في خلقه.
نعي مصبي هجوم الخيل على خيام الحسين عليه السلام