نبذ العادات والتقاليد – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
هذه الآية الكريمة تتناول الانحطاط الفكري الذي كان في الجاهلية من أفكار ومعتقدات خاطئة حاول الإسلام استئصالها، ولكن ليس من السهل تغيير عادات سيئة لدى قوم أو تصحيح معتقداتهم، خاصة إذا لبست تلك العادة أو الفكرة بلباس ديني حتى تصبع معتقداً، وكثير من العادات والأفكار الجاهلية بقيت حتى بعد إتمام الرسالة النبوية ورحيل النبي صلى الله عليه وآله.
تذكر الروايات الشريفة أن الآية نزلت في خصوص عادة من عادات ند قريش، وهي أن من يسمى بحنث قريش كان يلزم الحجاج والطائفين من خارج مكة أن يلبسوا من ثيابهم، فإذا لم يتمكن حاج من شراء لباسهم أو لم يكن لديهم ثياب لذلك الحاج يلزموه بالطواف عرياناً.
وفي قول آخر أنهم يحتملون أن الثوب الذي يرتدوه قد يكون فيه شبهة بأنه من مال حرام أو خلط فيه الحرام فكانوا يعتقدون أنه من الطهارة أن يطوفوا عراة.. فالقرآن نبههم إلى المفاسد التي تنتج عن التعري بين الناس، سيما كون انهم يفعلون تلك الفاحشة عند بيت الله الحرام.
فكان جوابهم رداً على نهي الرسول صلى الله عليه وآله عن التعري بالبيت الحرام أن قالوا له: (وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا)، فلذلك كانت مهمة النبي صلى الله عليه وآله بدعوة قومه في غاية الصعوبة بأن يقنعهم بخطأ فعل آبائهم، وهذا الفهم عند الناس لازال إلى يومنا هذا بحيث أنهم يتلقون العادات والتقاليد من آبائهم تلقي المسلمات دون النظر إلى تعارض البعض منها مع الدين أو الأخلاق أو العقل.
وقد ادعت قريش أن طوافهم عراة هو أمر من الله تعالى (وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) فكان رد القرآن عليهم أن (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، وهذا من الأساليب اللطيفة في الدعوة، بحيث أنه لم يجرح بمعتقدهم ويرميهم بالبطلان والخطأ بحيث يستفز مشاعرهم الدينية، وأيضا لم يقرهم على خطأهم مداراة لهم، بل بين لهم بشكل لطيف الصحيح من الخطأ.
نعي مصيبة الإمام الحسين عليه السلام