معاناة المصلحين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)
إن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عندما بعث إلى قريش كانوا في حالة من الحضيض في جميع نواحي حياتهم، الثقافية والمادية والاقتصادية والفكرية والدينية، بل كانوا من أدنى الأمم وأكثرهم تخلفاً وكانوا كما كما ورد في خطبة السيدة الزهراء عليها السلام بقولها: (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ).
ومع أنه أمة مثل تلك الأمة تخوص في الحضيض إذا جاءهم مصلح يريد أن يرفع قدرهم وينقذهم من عذابي الدنيا والآخرة من المفترض أن يحظى هذا المصلح بالدعم والنصرة حتى يوصلهم لما يبغون، لكن الصدمة هي أن قريش نبذته وحاصرته وصدت الناس عن دعوته وحاربته بكل قواها طيله سنوات الدعوة.
ذلك الأمر الذي أوجد حالة من الصدمة والتألم بنفس النبي صلى الله عليه وآله، حيث أنه يدعوهم لما فيه نجاتهم في الدارين ولما فيه رفعتهم، وهم يصرون على حضيضهم وفقرهم وذلتهم ودنوهم أمام الأمم، فنزلت الآية الكريمة لتخفف من وقع الصدمة على نفس النبي صلى الله عليه وآله.
فكأن الآية الكريمة تخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه ما من نبي من الأنبياء إلا لاقى الأذى الشديد من قومه، فهذا ابراهيم عليه السلام أرادوا حرقه وعيسى عليه السلام أرادوا صلبه ونوح تحمل من قومه السخرية والاستهزاء طيلة سنوات حياته وموسى رغم أنه من على قومه بالنجاة من فرعون إلا أنه ما إن ذهب لميقات ربه حتى وجدهم بعد عودته قد عبدوا العجل، ومثلهم الكثير من الأنبياء الذين عانوا الأذى.
فإنه ليس من السهل أن يصلح إنسان فكر وعقيدة أمة ما، فإن تربية إنسان من طفولته وحتى شبابه تأخذ من عمر وطاقة والديه كيف بمن هو مسؤول عن تربية أمة؟! فهذا هو حال المصلحين من الأنبياء والأئمة عليهم السلام والعلماء الربانيين وأولياء الله الصالحين مع مجتمعهم ومحيطهم.
نعي مصيبة سقوط الإمام الحسين عليه السلاك من على ظهر جواده
مواضيع مشابهة
المنبر العميد – 360 – معاناة الدعاة إلى الحق