من هو المسبب الأول؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى)
إن معنى هذه الآية أن كل الموجودات وأسبابها ومسبباتها تنتهي إلى المسبب الأول وهو الله عز وجل، فإن كثير من الناس يظنون أن من تسبب بوجودهم في الحياة هم الأم والأب، غافلين أن نفس والديهم تسبب في وجودهما أجداهم حتى تنتهي سلسلة المسببات إلى الله تعالى، وأنه لولا مشيئة لما وجدوا ولما وجد شيء في هذا الكون.
ومن ثم الله أعطى الإنسان القدرة على الحركة والتفكير، فالإنسان الذي يظن أن عقله هو من مكنه من اختراع شيء أو اكتشاف نظرية أو الذي يظن أنه بتعبه وصل إلى جمع مال أو إعمار بيت، هل فكر أن من وهب له ذلك العقل وتلك القوة؟! أو أن هذا التوفيق في الوصول إلى ما وصل إليه هل سيكون لولا هداية الله له بالطريق الذي أوصله إلى هدفة المنشود؟!
كذلك الأمر لولا أن الله هيأ لنا أرضاً لينه وجعل بها الخواص من المعادن والفيتامينات، وسخر لنا المطر لتنبت ما شاء الله من الزرع، هل تمكن الإنسان من أن يستخرج منها غذاءه من أنواع الفاكهة والنباتات؟!
فالآية الكريمة إنما تريد أن تعلمنا التوحيد، سواء التوحيد الاعتقادي وهو الإيمان بوجوده سبحانه أولاً وأنه علة العلل ومسبب الأسباب جميعها وأن جميع الأسباب إنما تعود إليه.. وكذلك تريد أن تعلمنا التوحيد العملي، فما من منفعة يجلبها لك أحد إلا ومردها إلى الله تعالى، وما من ضر أرداه بك أحد لا يتحقق إلا بإذنه تعالى.
وفي رأي آخر في تفسير هذه الآية، أن الإنسان الذي يرى بنفسه النعم، من الصحة والمال والشباب إنما مرده إلى الله تعالى، وأنه لا بد لهذا المال أن يذهب وللصحة أن تفنى وللشباب أن يهرم، وأن هذا المغتر بنفسه سيفقد كل ما اغتر به ليلقى وجه ربه سبحانه وتعالى.
نعي مصيبة عبد الله الرضيع عليه السلام