حادثة الإسراء والمعراج – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
إن حادثة الإسراء والمعراج من أهم الحوادث التي جرت مع النبي صلى الله عليه وآله، وترتبط إرتباطاً وثيقاً بتاريخ العرب والمسلمين وبعقيدتهم.
وإن كلمة الإسراء تعني السير ليلاً، وفي الآية تدل على أن الحادثة وقعت في بعض الليل، فرسول الله صلى الله عليه وآله سار به البراق بسرعة الضوء ولهاذا سمي البراق بهذا الاسم.
وقد بدأ الباري سبحانه وتعالى الآية بالتسبيح للدلالة على عظمة تلك المعجزة التي جعلت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقطع تلك المسافة بجزء من الليل، ولذلك لا يسمى الامر المعجز بالمعجزة إلا إن كان خارج عن السنن الطبيعية للكون.
ثم أثنى بوصف العبودية للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وهذا الوصف هو من أرق وأرفع الأوصاف أن يخاطب أو يوصف الباري عز وجل أحداً من خلقه بالعبد، وخاصة أنه المعنى الآتي في الآية ليس بمعنى المملوك فحسب، إنما بمعنى المطيع للرب طاعة مطلقة والمتلبس بوصف العبودية لله تعالى.
عندما نزلت الآية كان النبي صلى الله عليه وآله في بيت أم هانئ بنت أبي طالب، لكن الآية ذكرت: (مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) مجازاً لأن مكة كلها تسمى بالحرم (إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)، وكان ذلك على دابة لها جناحان أحضرها جبرائيل للنبي صلى الله عليه وآله وأمره أن يمتطيها (إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)
وإنما سمي المسجد الأقصى بالمسجد لأن موضع السجود لا أنه في تلك البقعة وفي ذلك الزمان كان قد بني عليه مسجد.
وأما ما وصفت به الآية المسجد الأقصى وما حوله من البركة بقوله تعالى: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) بأمرين: الأول إن تلك الأرض مباركة لأنها مهد للأنبياء والرسل، وأن أغلب التشريعات السماوية إنما أنطلقت من تلك البقعة المباركة، والأمر الثاني الذي بوركت به هو خصوبة تربتها وكثرة ثمارها وخضرة جبالها.
أم قوله تعالى: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) أن الله أرى رسوله كيف أنه نقله من مكان إلى آخر بسرعة البرق، وان هذا الإسراء لم يكن كما يدعي البعض فقط بالروح، إنما أيضاً كان بالروح والجسد.
نعصي مصيبة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء