حرمة قتل النفس – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)
إن هذه الآية تعد من آيات الفقه الجنائي في القرآن، والفقه الجنائي مهمته تغطية الحوادث الفقهية بالأحكام، كما أن الفقه الاقتصادي مهمته تغطية الوضع الاقتصادي بشكل كامل، ودين الإسلام أحكامه شاملة لكل نواحي الحياة، لأن إذا حدث فراغ عند أمة في تشريعاتها تضطر أن تستورد تشريعات من الخارج لتحكم السيطرة على الأمور الإدارية فيها.
والشريعة الإسلامية أخذت بالاعتبار موضوع تهذيب المجتمع عن طريق التربية العقلية، وهي أن تربي الناس على تعظيم حرمة دم وكرامة وعرض المسلم، وأكدت مراراً وتكراراً على حرمة القتل وسفك الدماء، وتهذب المجتمع أيضاً عن طريق العقوبات الرادعة… ولذا قال: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ).
وبعده جاء استثناء وهو (إِلاَّ بِالْحَقِّ)، فقد أجاز الإسلام لولي الأمر الحاكم الشرعي أن يحكم بالقتل على من ارتكب الأمور التالية:
الزاني والزانية المحصيين، والحكمة في ذلك لأن زنا المحصن يحدث شرخاً وفساداً للأسرة، وإفساد الأسرة مؤداه إلى فساد المجتمع، عدا عن أن الإسلام قدس الكيان الأسري في المجتمع الإسلامي والزاني المحصن قد هتك حرمة هذه القداسة.
الكفر بعد الإيمان (الردة)، فقد يسأل أحد أنه أليس الناس أحرار بعقائدهم وأن الإسلام ضمن حرية الاعتقاد؟ والجواب: إنه ليس من هذا الجانب شرع الإسلام حد الردة، إنما من جهة أن المرتد قد تخلى عن قيمه ومبادئه وأخلاقه، فهذا النوع من الناس لا يمكن للمجتمع أن يأمن جانبه.
القتل العمد، فهو القصاص العادل لمن ارتكب جناية القتل عمداً، وهو الأمر الوحيد الذي يعد عقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه بقتل أحد، ولا يمكن لعقوبة السجن أو أي عقوبة أخرى أن تكون عادلة ورادعة عن ارتكاب هذه الجريمة، وبالإضافة إلى أن القاتل يتحول إلى وحش بشري، فإذا بقي يعيش بين أفراد المجتمع شكل خطراً على أفراده.
نعي مصيبة السيدة الزهراء عليها السلام