الطيبات في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)
إن الآية الكريمة رغم أن الخطاب بها موجه للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله إلا أنه خوطب بها بصيغة الجمع، وذلك الأمر لأحد سببين: الأول أن مضمون الآية من التكاليف كلف به الأنبياء من قبل كما كلف به نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله، والاحتمال الثاني أنها خاطبته بصيغة الجمع للاحترام والتعظيم كما هي آداب الخطاب في اللغة العربية.
جاء الأمر في هذه الآية بأكل الطيبات، فمن جهة يأتي هذا المعنى في مقابل الخبائث، فالله أحل الطيبات وحرم الخبائث، ومن جهة أخرى تأتي الآية بمعنى الإباحة في أكل الطيبات من الطعام، والحكمة منها رد الفهوم الخاطئ عن الزهد، بحيث يفهم البعض أن الزهد هو انقطاع عن ما حلل الله من الملذات.
والواقع أن هذه الطيبات إن لم يأكل منها المؤمنين فلمن خلقها الله؟! والله تعالى يقول: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً)
واختلف المفسرون في معنى الطيبات، فمنهم من فسر الطيبات بمعنى ما تستلذه العرب، ومنهم من فسرها بمعنى ما تستلذه الأنفس بشكل عام، وكلا المعنيين باطل باعتبار أن بعض ما تستلذه الأنفس سواء من العرب أو غيرهم هو محرم شرعاً، ولكن المعنى الصحيح من الطيبات هو ما أحله الله تعالى من الطعام والشراب.
والحلال هو في مقابل الحرام، والحرام يقسم إلى قسمين: إما أن يكون حرام بذاته كلحم الخنزير والسباع وكالخمر والمسكرات عموماً، وإما محرم بطريقه اكتسابه، كالطعام والشراب الذي أخذ إما غصباً أو سرقة وإحتيال أو المال الذي أشتري به ذلك الطعام هو مغصوب أو مسروق أو غير ذلك من طرق الكسب الغير مشروعة.
وإن فسلفة تحريم شيء أو تحليله بنظر الشارع إنما وضع بحسب المصالح الفردية أو الاجتماعية، فما رأته الشريعة به مصلحة للفرد أو للمجتمع فرضته، وما رأت أن به مسفدة حرمته، وما تساوى طرفاه أباحته.
نعي مصيبة السيدة الزهراء عليها السلام