معالم القلوب السليمة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ)
إن المفهوم العام للحياة والموت هو تلبس الروح للبدن أو مفارقتها له، وقد اختلف الفلاسفة وأرباب الأديان إلى حقيقة الروح، هل أنها هي التفاعلات التي تصدر من الجسد كما ذهب الماديون؟ أم أنها شيء مغاير له وهي التي تحركه ثم تبقى خالدة بعد رحيلها عن الجسد؟
لكن الآية الكريمة لم تقصد المعنى اللغوي للحياة والموت، إنما قصدت من الأحياء أصحاب القلوب السليمة التي تعي الموعظة وتومن بالباري عز وجل ويعملون بما يعلمون، ووصف الآية أصحاب القلوب القاسية بالأموات لأنهم يصدون أذانهم عن استماع الحكمة والموعظة الحسنة وهم الكافرون وأهل الفسوق، ولذلك عبر عنهم القرآن بالأموات إذ الميت لا يتنبه لأي أمر، كما هو حال الأجساد التي فارقتها الروح.
وفي تعبير أخر للقرآن الكريم سمى الذين يتلون الكتاب ثم لا يعملون به ولا يتعظون بواعظه كمثل الحمار يحمل أسفارا.
بل إن الأموات الفعليين بما أنهم أصبحوا في ديار الحق تراهم قد تنبهوا من غفلتهم لكن بعد فوات الآوان، فكما روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه اطلع على أهل القليب، فقال: «وجدتم ما وعد ربكم حقا؟» فقيل له: تدعو أمواتا؟ فقال: «ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون»
ذكر مصيبة عبد الله الرضيع عليه السلام.