قصة موسى مع الخضر عليهما السلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا)
إن القرآن الكريم عمد في الكثير من سوره على سرد قصص السابقين، لأن سرد القصص هو أحد أساليب التربية التي يستعملها المربي، والهدف من ذلك هو أخذ العبرة من سيرتهم، ومن تلك القصص هي قصة النبي موسى مع الخضر عليهما السلام.
وتتلخص القصة بأنه أثناء صحبة النبي موسى مع الخضر عليهما السلام شاهد منه أمور لم يتمكن من تعقلها، وكان قد شرط عليه الخضر أن لا يسأله عن شيء يراه حتى يخبره عنه، ومن تلك الأمور خرق الخضر لسفينه المساكين ثم قتله للغلام وبعهدها إصلاحه لحائط في المدينة التي رفضت ضيافتهما.
فأما السفينة فكان يعود ملكها لمساكين ينقلون المسافرين من بلد لآخر وكانت هي رزقهم الوحيد، وكانوا سيمرون على بلده حاكمها أمر بغصب كل سفينة جيدة حتى يضمها لأسطوله البحري العسكري، فعمد الخضر عليه السلام إلى خرقها حتى إذا رأى جنود الحاكم عيبها تركوها.
وبهذا يستفاد فقهياً على جواز إلحاق الضرر لدفع ضرر أكبر منه، فمثلا بالحكم الأولي قطع عضو من أعضاء البدن محرم شرعاً، ولكن إن أصاب عضو ما مرض وخيف من سريان المرض إلى بقية أنحاء الجسم جاز قطع ذلك العضو المريض.
أما الغلام فكان كافراً وأبواه مؤمنان، وكان يلح عليهما ليستدرجهما للكفر، وكان أيضاً من أعوان الطاغية وينقل أخبار والديه المؤمنين إلى السلطة، وكان هذا المبرر لقتله… فالولد إما أن يكون نعمة على والديه إذا كان صالحاً أو بلاء عليهما إن كان فاسداً.
فالتاريخ يذكر لنا الزبير بن العوام حيث كان من الأوائل في الإسلام، وكان من الصحابة الشجعان، وشهد مشاهد النبي صلى الله عليه وآله كلها وجرح عدة مرات، وكان من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام، وأصحابه الأول ، وقيل: إنه حضر دفن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، مما يدل على قربه من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
ولكن لم يرزق بحسن الخاتمة بسبب ولده عبدالله الذي عمل على إضلال والده حتى خرج يومالجمل لقتال علي بن ابي طالب عليه السلام، حيث قال عنه أمير المؤمنين عليه السلام: (ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله).
نعي مصيبة السيدة أم البنين عليه السلام