صفات المؤمنين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون)
سئلت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله عن أخلاق النبي صلى الله عليه وآله فأشارت عليهم بأن يقرؤوا الآيات العشر الأوائل من هذه السورة المباركة وهي سورة المؤمنون التي تذكر صفات المؤمنين ليتعرفوا على صفات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
ومن الملاحظ أن القرآن الكريم وضع في كل نشاط وعمل يقوم به الإنسان المؤمن العنصر الأخلاقي، ولذلك تعتبر الأخلاق عنصرا أساسيا في شخصية الإنسان المؤمن، لأن النشاط والعمل إن خلا من الأخلاق سيتحول إلى نشاط لا يحقق هدف الحياة، فالإنسان يتعايش مع أخيه الإنسان على أساس من الأخلاق، فعندما يتعامل شخص مع آخر ينبغي أن يكون مطمئنا على أمواله وكرامته ودمه وعرضه، فأي معاملة لم يتوفر فيها هذا العنصر الخلقي كانت عارية لا تحقق الهدف من الحياة.
وقد تحدثت أولى الآيات الكريمة عن أولى صفات المؤمنين وهي الصلاة، فالآية عدّت الخشوع في الصلاة أولى صفات المؤمنين وأولى علاماتهم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى أهمية الصلاة وكونها ركيزة أساسية في حياة الإنسان المؤمن.
والخشوع هو صفة في القلب تنعكس على الجوارح، بمعنى أن يشعر الإنسان عند أداء صلاته في حضرة من يقف ولماذا يؤدي هذه الأفعال وهذه الأقوال.
وقد ذكر المفسرون أن سبب نزول هذه الآية المباركة هو أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا عندما يصلون خلف النبي صلى الله عليه وآله كانوا يلتفتون يمنة ويسرة بل ويتحدثون مع بعضهم أثناء الصلاة ويسأل بعضهم بعضا، ولذا نزلت الآية المباركة (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)، وكانوا يحركون الحصى تحت أرجلهم عند ركوعهم.
ثم نزلت الآية المباركة لتخبرهم بأن يخشعوا في صلاتهم، بمعنى أن يحصل لديهم توجه إلى الله بقلوبهم وأن يعرفوا بين يدي من يقفون، وذكر لهم أن هذه هي أولى وأهم صفات المؤمنين، لأن المجتمع الإسلامي في بداية الدعوة ما كان إلا مجتمعا بدائيا بسيطا، ولم يكن نزول القرآن عصا سحرية تحول المجتمع إلى ملائكة بين ليلة وضحاها.