الرجل والمرأة في القرآن الكريم – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله)
يتساءل بعضهم عن حسن نية أو سوء نية عن سبب تفريق القرآن والإسلام بين الرجل والمرأة، بل ويفضل الرجل على المرأة، فما السبب وراء ذلك؟
في الحقيقة إن تفضيل الرجل على المرأة إنما هو وهم لا يوجد سوى في عقول أصحابه، وإلا فإن الإسلام والقرآن الكريم لم يفضل أحدا على أحد لا رجلا على امرأة ولا امرأة على رجل، ففي الإسلام لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وكما قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فميزان التفاضل في الإسلام هو على أساس التقوى ولا شيء غير التقوى.
أما مسألة التفريق بين الرجل والمرأة فهذه من أبده البديهيات التي لا يختلف فيها اثنان، فمجرد أنك تفرق في اللفظ بين الرجل والمرأة يعني أن هناك موجودان مختلفان أحدهما يسمى رجل والآخر يسمى امرأة، وإلا فما الداعي للتفريق بينهما في التسمية؟
أما الفروق فهي واضحة جلية لكل من أراد الرؤية، وإلا فمن أبى أن يرى الواضحات أمامه فلن يرى الحقيقة ولو كان كضوء الشمس في رابعة النهار.
الرجل يختلف عن المرأة من الناحية الجسدية وهذا واضح لكل ذي عينين، فللمرأة أعضاؤها الخاصة التي تختلف عن الرجل لتهيئها للحمل والرضاعة وأداء وظيفتها الموكلة بها في الحياة، والرجل لديه ما يمكنه من أداء مهامه في الحياة الدنيا من قوة الجسد وقدرته على مواجهة مصاعب الحياة.
أما من الناحية النفسية والروحية فالمرأة مختلفة عن الرجل في أحاسيسها وعواطفها وتفكيرها، ولا فضل لأحد على الآخر في هذا، فقد خلق الله الرجل والمرأة مختلفين لحكمة وهدف، والحقيقة هي أن كلا منهما يكمل الآخر، فما يفتقده الرجل تجده عند المرأة وما تفتقد المرأة تجده في الرجل، وليست المسألة مسألة تفوق أو استعلاء أو تفضيل.
أما تلك الدعوات التي تنتقد الإسلام وتدعي حرمان المرأة من حقوقها والتمييز ضدها هي مجرد دعاوى مغرضة، فمن المعلوم أن الإسلام انتشر بمجموعة من البدو الذين كانوا يقطنون الصحراء لا يجارون الممالك الأخرى سلاحا ولا قوة، لكنهم هزموا أعظم دولتين في تلك الفترة، ولذلك تجدهم الآن لا يزالون يحملون في أنفسهم الحقد على الإسلام، ويريدون أن يهدموه من الداخل بعد أن فشلوا في تحطيمه من الخارج.
وما هذه الدعوات المغرضة التي تثار اليوم إلا خطوات لتحقيق هذا الهدف، فدعوتهم إلى تحرير المرأة تعني تحطيم الأسرة المسلمة العفيفة الطاهرة، وهي أهم كيان وأقوى مؤسسة في المجتمع، وهي ما يميز المجتمع الإسلامي عن سائر المجتمعات اليوم ويعد نقطة قوة تسجل لصالحه، وكم نتمنى أن تبقى هذه النعمة -نعمة الأسرة المتماسكة- دائمة علينا، ونسأل الله أن لا يحرمنا من هذا الجو الأسري الدافئ.
وعدا بعض المسائل فإن الإسلام لم يفرق بين الرجل والمرأة في شيء، فكلاهما متساويان في الأعمال والجزاء وسائر الأمور، وإن التفريق جاء فقط بناء على فوارق فسيولوجية بيولوجية، فالله الذي خلق الكائنات هو أعلم وأدرى بحال عباده من إنسان ضعيف محدود التفكير لا يصل عقله إلى معرفة كثير من الأمور، فهل يريدون منا أن نجعل بناتنا كبناتهم يخرجن إلى الشوارع وينتشرن في الملاهي والمراقص وينشرن الفساد والرذيلة؟ هل هذا هو ديدنهم؟ هل هكذا تصل المرأة إلى حريتها المنشودة كما يزعمون؟!
إن الإسلام منح المرأة حقوقا لدرجة أن بعض الكتّاب قال يوما بأن الرجل هو من عليه المطالبة بحقوقه لا المرأة لكثرة ما أعطى الإسلام المرأة من حقوق ولشدة ما أوصى بها ورفق بحالها، فما لكم كيف تحكمون؟!