تقسيم الإرث – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا)
يقول بعض المفسرين بأن هذه الآية نسخت، ويقول آخرون إنها لم تنسخ ولا يزال الحكم الذي نزلت به موجودا ولكن تبنى على الاستحباب لا الوجوب.
وتتحدث الآية عن تقسيم الإرث، فتقول بأن يعطى أولو القربى من غير مستحقي الإرث واليتامى والمساكين ما يسدون به حاجتهم لا أن يطردوا بدعوى أنهم ليسوا من طبقات الإرث.
ويقول سعيد بن جبير رضي الله عنه أن هناك ثلاثة آيات محكمات نسيها الناس، منها هذه الآية، والآية الثانية هي (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) وهي منسية اليوم، وتجد الكثير من البيوت اليوم ممن يوظفون الخدم في منازلهم لكنهم لا يلتزمون بشيء من هذه الآية من وجوب الاستئذان قبل الدخول وما جلبه ذلك من المشاكل والويلات على أهالي هذه البيوت، ولكن هل من متعظ؟
والآية الثالثة هي (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وهذه الآية لم يعمل بها المسلمون منذ صدر الإسلام، فلم يكن المعيار يوما التقوى ولم يكن ميزان التفاضل بين الناس على هذا الأساس.
وقد أتت ذات يوم امرأتان إلى الإمام علي عليه السلام يطلبان حصتهما من بيت المال، فأعطى أمير المؤمنين عليه السلام لكل منهما نفس المقدار، وكانت إحداهما حرة والأخرى أمة أعتقت، فاحتجت الحرة على أمير المؤمنين بأن كيف يساوي في عطائه لها مع الأخرى، فلم يقبل الإمام احتجاجها، وهذا العمل تجسيد لهذه الآية الكريمة وتطبيق عملي لها.
ولا يزال هناك من يقول في باب الكفاءة في التزويج بعدم كفاءة بعض المهن التي يحتقرونها كالحجام والسماك والسمان وغيرها، والحال أن هذه المهن مهن شريفة والله يحب من يعمل ويكد مهما كان نوع هذه المهنة، واليد التي تكد في سبيل العيال ولقمة العيش يد شريفة عزيزة على الله.
وتتحدث هذه الآية عن العطف على القرابة من غير مستحقي الإرث، إضافة إلى اليتامى، واليتيم هو من فقد الأب لأن الأب هو من يعوله ويصرف عليه، فإذا رحل الأب اعتبر يتيما، فمن الرحمة والعطف أن نقوم بإعطاء هذا اليتيم شيئا نعوضه فيه ولو بشيء من عطف الأبوة الذي فقده، ولو أن تعويض ذلك غير ممكن بشكل كامل لكن العطف عليه والرأفة بحاله يمكنها أن تحسن حاله.
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وآله كثيرا باليتيم، وقد قال في الحديث المشهور أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين -وأشار بإصبعيه-، أي أن كافل اليتيم في الجنة إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وما أعظمها من منزلة.