الأهداف السامية للجهاد – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة تؤته منها وسنجزي الشاكرين)
إن هذه الآية الكريمة هي إحدى الآيات المتعلقة بالتعبئة للحرب والجهاد، كما أنها تشتمل على مفاهيم هامة وأهداف سامية ومضامين عالية.
كان أفراد المجتمع الإسلامي آنذاك يتميزون بأنهم ذوو تفكير حرفي في المسائل التي تعرض لهم، وهذا التفكير الحرفي يوقع أصحابه في مطبات هم في غنى عنها، وربما يوقعهم في مشاكل كبيرة، ولذا فإن القرآن الكريم أراد أن ينتقل بهم من هذا النمط من التفكير إلى نمط آخر أكثر موضوعية واعتدالا هو التفكير المضموني.
وكمثال على هذا نذكر ما وقع في معركة أحد، فحينما نادى مناد إن محمدا قد قتل وسمع بعض المسلمين ذلك الصوت تخاذلوا عن المعركة وأحسوا بالانهيار والفشل.
ولذا فإن الآية الكريمة قد نزلت لتعيد لهم عنفوانهم ولتعيد تعبئتهم ليستأنفوا الجهاد مرة أخرى تحت ظل الإسلام سواء كان رسول الله صلى الله عليه وآله حيا أو ميتا.
وما دمنا في هذا الصدد فلنلق نظرة ولنسلط الأضواء على هذه النقطة التي لا زالت حية حتى الآن، فالكتاب الغربيون مثلا ينعتون الإسلام بأنه هجمة همجية بربرية مهمتها سفك الدماء.
والواقع أن هذا تعد ومغالطة ومجانبة للحق والحقيقة، لأن الأهداف التي عادة تكون أهدافا للحرب ويضعها من يخطط للحرب ومن يريد أن يستعمل الحرب لأغراضه الخاصة أو لمنافعه الشخصية لم تكن منظورة عند رسول الله صلى الله عليه وآله ولا في قوانين الإسلام أبدا. ولنا هنا أن نتساءل ونقول: ما هي أهداف الجهاد؟
إن بعض الباحثين الغربيين مثل ليوبولد كوهر مثلا يذهب إلى أن الشعوب والأمم حينما تشن حروبا فإنها تشنها لأحد أسباب تسعة أي إنه يرى أن الأهداف الكامنة وراء شن الهجمات والحروب لها تسعة أسباب، وكل شعب إنما يشن حربا على غيره لواحد من هذه الأسباب التسعة أو لأكثر من واحد، وهو يدرج هذه الأسباب تحت قسمين رئيسيين هما الأسباب الوهمية والأسباب الواقعية.