أهمية الأمر بالمعروف – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)
إن الله خلق للإنسان عقلين، عقل مطبوع وهو القوة الإدراكية التي ينشأ عليها كل إنسان، والعقل المسموع وهو الإدراك، وهذا العقل هو الذي يستفيد به الإنسان من التجارب، سواء كانت تجارب شخصية أو تجارب غيره من الناس، فالإنسان وإن كان يتمتع بقابليات ذهنية عالية يفتقر إلى التجارب في حياته.
والآية الكريمة وإن كانت تحدثت عن قوم صالح عليه السلام وعن عقرهم للناقة وهو أمر قد حصل في الماضي البعيد، إنما ذكرها الله هي وأغلب قصص الأمم السابقة للاستفادة من تجاربهم وتجنب الأخطاء التي وقعوا فيها وأدت إلى هلاكهم.
وإن هذه الناقة كانت معجزة النبي صالح، فالله تعالى أيد أنبياءه بالمعجزات لتكون علامة على صدق قولهم وعواهم بالنبوة، وإلا لا يمكن إقامة الحجة على أحد أمام الله تعالى بدونها، وبدونها أيضاً تفتح أبواب إدعاء النبوة أمام كل مدعي كذاب، وعادة ما يعطي الله كل نبي معجزة تتناسب مع محيطه، كما أعطى الله معاجز لموسى عليه السلام تفوق إدراك سحرة فرعون.
وإن هذه الناقة رغم توصية صالح لقومه بحفظها ورعايتها إلا أنهم لم يرعوا حق الله تعالى فيها، وقاموا بعقرها وقتلها، ورغم أن من عقرها كان فردا واحداً إلا أن الله تعالى قال: (فَعَقَرُوهَا) والسبب أن القوم عندما شاهدوا عاقر ناقة صالح هم بقتلها لم ينهوه عن المنكر، بل إن كثير منهم كانوا راضين عن فعله.
فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لأحد أصحابه: أما لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم، ثم مضى فأتيته فاستأذنت عليه فدخلت فقلت: لقيتني؟ فقلت لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم، فدخلني من ذلك أمر عظيم، قال: نعم ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم مما تكرهوا وما يدخل علينا به الأذى أن تأتوه فتؤنبوه وتعذلوه وتقولوا له قولا بليغا؟ فقلت: جعلت فداك إذا لا يطيعونا ولا يقبلون منا؟ فقال: اهجروهم واجتنبوا مجالسهم
فالمستفاد من قصة قوم صالح ومن ثم هذه الرواية الشريفة أن المؤمن لينعم هو ومجتمعه بالأمن والاستقرار ورضا الرحمن ينبغي عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إما باليد أو اللسان أو القلب.