جزاء المتقين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
إن القرآن الكريم يؤكد دائماً وفي عدة من آياته الكريمة على اقتران الإيمان بالعمل، لأن الإيمان إذا تجرد عن العمل لم يعد له الرجوة المطلوبة، والعكس صحيح، فنحن نرى الكثير من علماء الغرب سيما الذين قدموا للبشرية إنجازات أغنت الدنيا بها وسهلت على البشر حياتهم، ولكن في المقابل بما أنه لا إيمان لهم فلا ينتفعون بتلك الإنجازات في آخرتهم، وهاؤلاء جزائهم يكون في الحياة الدنيا.
ولكن العمل صالح يمدح عليه الإنسان وإن لم يكن مؤمن، فالعمل الصالح وإن لم يكن مقترناً بالإيمان قد يجر صاحبه للإيمان، فعمل هو الذي يقوم الإيمان ويجسده بالصورة النافعة، والحياة تفتقر إلى أمرين: أولاً الإيمان ثم العمل.
إن البشرى في الحياة الدنيا فسرت على أنها الرؤية الصالحة، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو يرى له)، ومن تلك الرؤية الصالحة التي يراها المؤمن في منامه هي رؤية المعصومين عليهم السلام لا سما رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي).
وفي تفسير آخر أن البشرى هو رضا الناس، وهذا يتحقق في الإنسان الذي يعمل صالحاً من خدمة للناس وحسن التعامل معهم ويصلهم ويسعى في قضاء حوائجهم، والإنسان إنما سمي إنساناً لأنه يأنس ويؤنس به، وإن أفضل ما يزين به العبد وما يرفعه هو التواضع للناس حتى وإن بلغ أعلى الدرجات وأرقاها، وإن هذا الإنسان بيقى ذكره الحسن بين الناس حتى بعد وفاته.
وفي تفسير آخر أن البشرى أن الإنسان المؤمن ذو التقوى والعمل الصالح لا يخرج من هذه الدنيا حتى يعرف نفسه أنه من أهل الجنة بل ويرى موضعه فيها.
وفي الآخرة جزاء الذين أمنوا وعملوا الصالحات هو الجنة، وفي الجنة هناك لذائذ حسية من نعيم وحور وقصور وغير ذلك مما وعد الله تعالى به المؤمنين وكذلك لهم لذائذ معنوية وهي: (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).