علم الله وعلم الإنسان – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ)
إن العلم في العصر الحديث وبناءً على الأجهزة التي تكشف عما في داخل الإنسان تمكنت من الكشف عن جنس الجنين وعن بعض خواصه، هذا الأمر الذي كان من المستحيل في الماضي، ولذلك جعل بعض المشككين في القرآن يعتبرون ذلك إشكال على القرآن، بحيث أن القرآن يعتبر أن علم الأجنة مقتصر على الله تعالى، بينما العلم الحديث أثبت عكس ذلك، وللجواب على هذا الإشكال نرد بما يلي:
إن علم البشر هو علم بالأسباب أي حادث، بينما علم الله علم ذاتي، فنحن لولا هذه الاكتشافات والتطور في الطب والتكنولوجيا لما تغير في علمنا شيء، والله تعالى بدون الحاجة إلى أسباب وإلى معلم هو يعلم كل شيء.
إن هذه الأسباب قد تخطئ، فالنتيجة التي وصل إليها العلم مهما بلغ من التطور، قد يفضي في بعض الأحوال إلى نتائج خاطئة، وذلك بسبب أن هذه الأسباب قد تخطئ كما ذكرنا، فكم من مولود ظن أهله أنه ذكر بناءً على تلك الأسباب ثم ظهر بعد الولادة أن المولود أنثى.
إن هذه الأجهزة تشخص جنس الجنين وربما بعض من خواصة الجسدية، بينما لا تستطيع أن تشخص هل سيكون شقي أم سعيد، عليل أم صحيح، بينما علم الله تعالى ينتهي إلى هذه النائج.
ومعنى ما تغيض الأرحام أي يعلم سبحانه المدة التي سيقضيها الجنين في رحم أمه إلى أن تتم ولادته، فبعضهم قد يولد لتسع وبعضهم لثمان وبعضهم لسبع أو ست.
فقد روي أن عمر أتى بامرأة ولدت لستة أشهر فهم برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: (إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) ويقول جل قائلا (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) فإذا تممت المرأة الرضاعة سنتين وكان حمله وفصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منها ستة أشهر) فخلى عمر سبيل المرأة